Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

islamcom

4 février 2007

اغاني شعبية Back -- إسم الأغنية استماع تحميل

اغاني شعبية 

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
Lafhal Moula Maryana استماع تحميل
Samaoui استماع تحميل
Rjana Fik Alali استماع تحميل
Raksa استماع تحميل
Mali Mali استماع تحميل
Malek Majiti Arrajel استماع تحميل
Lghaba استماع تحميل
Lafhal Moula Maryana استماع تحميل
Hake Jare استماع تحميل
Attalb استماع تحميل
Allal Ya Allal استماع تحميل
Alazri استماع تحميل
Ajaidane استماع تحميل
Siri Maah استماع تحميل
Lafrak استماع تحميل

--

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
Hlaft Limine استماع تحميل
Gouli Alach استماع تحميل
Hada Hali استماع تحميل
Kindir Nansak استماع تحميل
Mani Mani استماع تحميل
Harayi Harayi استماع تحميل

--

--

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
يا زين استماع تحميل
يا مامي استماع تحميل

--

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
Yeppa Mama استماع تحميل
Ok Ok استماع تحميل
Houma استماع تحميل
Amine rai استماع تحميل
Aprs استماع تحميل
Chabiba استماع تحميل
Kolch استماع تحميل
Des Fois استماع تحميل
Hadi Hala استماع تحميل
Jdoudna استماع تحميل
Credit Habesnah استماع تحميل
Goult E-Ndir Wahda استماع تحميل
Kiran Maghboune استماع تحميل
Milano استماع تحميل
Tesra استماع تحميل
Degdegtini استماع تحميل

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
Aiya Ensahlo استماع تحميل
A’la Eeshe Lemtooni استماع تحميل
Haram Aleik استماع تحميل
Shir Koua Atha استماع تحميل
Le Le La استماع تحميل

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
Ana Weyaki استماع تحميل
Laaroubi استماع تحميل
Weld Biladi استماع تحميل

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
مجنونه استماع تحميل
راح الليل راح استماع تحميل
العزيز عليا استماع تحميل
اخواني استماع تحميل
لا يا امل استماع تحميل

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
Chmeta استماع تحميل
Hbibi Fort استماع تحميل
Lemima استماع تحميل
Mehandi Zhar استماع تحميل
Hayni Chaal Nebghih استماع تحميل
Paris استماع تحميل
Telephone استماع تحميل
Visa استماع تحميل
Waleft T Baiou استماع تحميل
Cheba استماع تحميل
Trop Tar استماع تحميل

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
يا ساكن قلبي استماع تحميل
ودايما استماع تحميل
الليل استماع تحميل
ولا مرة سهرنا استماع تحميل
ولاغيرك حبيبي استماع تحميل
ضحيت استماع تحميل
توك تجي استماع تحميل
سلطان حبك استماع تحميل
قدر مكتوب استماع تحميل
ما حصلتش استماع تحميل
كل اللي يشوفك استماع تحميل
إسألو قلبي استماع تحميل
إله الكون استماع تحميل
الحياة صعبة علينا استماع تحميل
بجاة الله استماع تحميل
بحبك استماع تحميل
طير الحمام استماع تحميل
طبعك غريب استماع تحميل

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
Rebha استماع تحميل
Soumiya استماع تحميل
Tasrikh استماع تحميل
Yasalwa استماع تحميل
Zobida استماع تحميل
Yadjis استماع تحميل
Thekked Khafi استماع تحميل

--

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
أحبك والله   جديد استماع تحميل
بحبك   جديد استماع تحميل
ضمني   جديد استماع تحميل
الليالي عدو   جديد استماع تحميل
جميل جمال   جديد استماع تحميل
جميل جمال   ريمكس   جديد استماع تحميل
ليلة غرامي   جديد استماع تحميل
لو تقدر تنساني   جديد استماع تحميل
ما تستاهل   جديد استماع تحميل
طبعا أغار   جديد استماع تحميل
طير الغرام   جديد استماع تحميل
طالع على بالي   جديد استماع تحميل
وقف الزمن   جديد استماع تحميل
وحشني دويت استماع تحميل
وعيوني سهارى استماع تحميل
حبيبي فكر بغيري استماع تحميل
بتقول نسيت استماع تحميل
بتروحي استماع تحميل
انتي أنا استماع تحميل
لومك على مين استماع تحميل
رسائلها استماع تحميل
سيلي استماع تحميل

--

Back

--

إسم الأغنية استماع تحميل
Amali Mali استماع تحميل
Ez Zine Zina استماع تحميل
El Visa Et Passeport استماع تحميل
El Kridi استماع تحميل
El Courtier استماع تحميل
Chadi Badi استماع تحميل
Ana Wiyak استماع تحميل
Rwahi Teli H Daya استماع تحميل
Rani Khayef استماع تحميل
Zobida استماع تحميل
Baghi N Dir El Khema استماع تحميل
Manesberch Bla Bih استماع تحميل
Liliha Liya استماع تحميل
intro استماع تحميل
Hahoma Jaw استماع تحميل
Mohal Farkak Achaba استماع تحميل
Alala Bechwiya استماع تحميل

--

إسم الأغنية استماع تحميل
أحبك استماع تحميل
آخر الطب استماع تحميل
بس ليله استماع تحميل
هذا العطر استماع تحميل
ياقلب مين غيرك استماع تحميل
دندنه استماع تحميل
تطمن وامسح دموعك استماع تحميل
واناري استماع تحميل

    أغاني كلاسيك

استماع تحميل
Classic 31 Classic 31
Classic 30 Classic 30
Classic 29 Classic 29
Classic 28 Classic 28
Classic 27 Classic 27
Classic 26 Classic 26
Classic 25 Classic 25
Classic 24 Classic 24
Classic 23 Classic 23
Classic 22 Classic 22
Classic 21 Classic 21
Classic 20 Classic 20
Classic 19 Classic 19
Classic 18 Classic 18
Classic 17 Classic 17
Classic 16 Classic 16
Classic 15 Classic 15
Classic 14 Classic 14
Classic 13 Classic 13
Classic 12 Classic 12
Classic 11 Classic 11
Classic 10 Classic 10
Classic 9 Classic 9
Classic 8 Classic 8
Classic 7 Classic 7
Classic 6 Classic 6
Classic 5 Classic 5
Classic 4 Classic 4
Classic 3 Classic 3
Classic 2 Classic 2
Classic 1 Classic 1

جميع الحقوق محفوظه

أغاني شعبية منوعة

بـلاش عـتـاب أستماع   تحميل
حبيـبـتي عندي أستماع   تحميل
كـلمتـني تـقول أستماع   تحميل
دقيقـه يا نظر أستماع   تحميل
تخـيلي وعـيـشي أستماع   تحميل
أنا بـيني أستماع   تحميل
تـعالي يا غريـبه أستماع   تحميل
هـل دمعي أستماع   تحميل
هاكم وصاتي أستماع   تحميل
ذكرتـني حبك أستماع   تحميل
عالجوني أستماع   تحميل
سافري لديار حايل أستماع   تحميل
عـابـر سـبـيل أستماع   تحميل
يا ساكن حي الصفرا أستماع   تحميل
أحبك موت أستماع   تحميل
جتني تقول أستماع تحميل
أبتديت القوافي أستماع   تحميل
لا متى في عالم أستماع   تحميل
عـيون المزايين أستماع   تحميل
يا مـوت ودي أستماع   تحميل
عـليك الله واكبر أستماع   تحميل
ألا يا ليل قلي أستماع   تحميل
أبي أبني أستماع   تحميل
رايــق أستماع   تحميل
محن قلبي أستماع تحميل
يا سلام الله أستماع   تحميل
مليت من شكوى أستماع   تحميل
يا أعز الناس أستماع   تحميل
حل الفراق أستماع   تحميل
يا كمال التمني أستماع   تحميل
يا عرب عـيـني أستماع   تحميل
تزايد عذابي أستماع   تحميل
هات الـقلم أستماع   تحميل
حبيبي ياشغل بالي أستماع   تحميل
من رداة الحظ أستماع   تحميل
كل ما جيت أستماع   تحميل
يا ناس روحي أستماع   تحميل
يا صاحبي أستماع   تحميل
تعبـنا وضحـينا أستماع   تحميل
مجاريح أستماع   تحميل
علامك تبكي أستماع   تحميل
أسباب جرحي أستماع   تحميل
سافـر حـبيـب أستماع   تحميل
خل الزعل أستماع   تحميل
أضحك معك أستماع   تحميل
كتـمت الحب أستماع   تحميل
سافري خلي أستماع   تحميل
يا بو عيون أستماع   تحميل
حيرونا البـيض أستماع   تحميل
تجري بي الاقدار أستماع   تحميل
مضت الاقدار أستماع   تحميل
كل ما صادفتني أستماع   تحميل
الله حسيبك أستماع   تحميل
دنياك حلوه أستماع   تحميل
أنا البارحه هلت أستماع   تحميل
يا بوعين كحيله أستماع   تحميل
يا كامل الزين أستماع   تحميل
شفي مع البدو أستماع   تحميل
يالأخضري دلعوك أهلك استماع تحميل
لا تتصل بي طابت النفس يا زين استماع تحميل
مع الزمل الأول استماع تحميل
آه واويلاه من عمٍ ظلوم استماع تحميل
أبكي على ما جرالي ياهلي استماع تحميل
بلا خطيّه صاحبي باح الأسرار استماع تحميل
سرى البارق اللي له زمانين ما سرا استماع تحميل
يا سعد لاتحاول كل شي ٍ تعرفه استماع تحميل
مجبور يالغالي استماع تحميل
في ساعت تلاقينا استماع تحميل
يا الله وانا طالبك حمرٍ هوى بالي استماع تحميل
خمس الحواس استماع تحميل
ألبارحه مابين صاحي ونايم استماع تحميل
يا سعود ما شفت أريش العين استماع تحميل
وين راحوا عن وطنهم استماع تحميل
لنا الله يا خالي من الشوق استماع تحميل
ألا يالله سألتك استماع تحميل
أحمد الله استماع تحميل
السمر والبيض استماع تحميل
قف بالطواف استماع تحميل
عاتبيني يا قروية استماع تحميل

بـلاش عـتـاب [ أستماع ] [ تحميل ]
حبيـبـتي عندي [ أستماع ] [ تحميل ]
كـلمتـني تـقول [ أستماع ] [ تحميل ]
دقيقـه يا نظر [ أستماع ] [ تحميل ]
تخـيلي وعـيـشي [ أستماع ] [ تحميل ]
أنا بـيني [ أستماع ] [ تحميل ]
تـعالي يا غريـبه [ أستماع ] [ تحميل ]
هـل دمعي [ أستماع ] [ تحميل ]
هاكم وصاتي [ أستماع ] [ تحميل ]
ذكرتـني حبك [ أستماع ] [ تحميل ]
عالجوني [ أستماع ] [ تحميل ]
سافري لديار حايل [ أستماع ] [ تحميل ]
عـابـر سـبـيل [ أستماع ] [ تحميل ]
يا ساكن حي الصفرا [ أستماع ] [ تحميل ]
أحبك موت [ أستماع ] [ تحميل ]
جتني تقول [ أستماع ] [ تحميل ]
أبتديت القوافي [ أستماع ] [ تحميل ]
لا متى في عالم [ أستماع ] [ تحميل ]
عـيون المزايين [ أستماع ] [ تحميل ]
يا مـوت ودي [ أستماع ] [ تحميل ]
عـليك الله واكبر [ أستماع ] [ تحميل ]
ألا يا ليل قلي [ أستماع ] [ تحميل ]
أبي أبني [ أستماع ] [ تحميل ]
رايــق [ أستماع ] [ تحميل ]
محن قلبي [ أستماع ] [ تحميل ]
يا سلام الله [ أستماع ] [ تحميل ]
مليت من شكوى [ أستماع ] [ تحميل ]
يا أعز الناس [ أستماع ] [ تحميل ]
حل الفراق [ أستماع ] [ تحميل ]
يا كمال التمني [ أستماع ] [ تحميل ]
يا عرب عـيـني [ أستماع ] [ تحميل ]
تزايد عذابي [ أستماع ] [ تحميل ]
هات الـقلم [ أستماع ] [ تحميل ]
حبيبي ياشغل بالي [ أستماع ] [ تحميل ]
من رداة الحظ [ أستماع ] [ تحميل ]
كل ما جيت [ أستماع ] [ تحميل ]
يا ناس روحي [ أستماع ] [ تحميل ]
يا صاحبي [ أستماع ] [ تحميل ]
تعبـنا وضحـينا [ أستماع ] [ تحميل ]
مجاريح [ أستماع ] [ تحميل ]
علامك تبكي [ أستماع ] [ تحميل ]
أسباب جرحي [ أستماع ] [ تحميل ]
سافـر حـبيـب [ أستماع ] [ تحميل ]
خل الزعل [ أستماع ] [ تحميل ]
أضحك معك [ أستماع ] [ تحميل ]
كتـمت الحب [ أستماع ] [ تحميل ]
سافري خلي [ أستماع ] [ تحميل ]
يا بو عيون [ أستماع ] [ تحميل ]
حيرونا البـيض [ أستماع ] [ تحميل ]
تجري بي الاقدار [ أستماع ] [ تحميل ]
مضت الاقدار [ أستماع ] [ تحميل ]
كل ما صادفتني [ أستماع ] [ تحميل ]
الله حسيبك [ أستماع ] [ تحميل ]
دنياك حلوه [ أستماع ] [ تحميل ]
أنا البارحه هلت [ أستماع ] [ تحميل ]
يا بوعين كحيله [ أستماع ] [ تحميل ]
يا كامل الزين [ أستماع ] [ تحميل ]
شفي مع البدو [ أستماع ] [ تحميل ]
يا هووووه قلبي على نارين [ أستماع ] [ تحميل ]
يالمبرقع [ أستماع ] [ تحميل ]
صاحبي جاني يشكي [ أستماع ] [ تحميل ]

..................................................................................................................................................................................

ادخل و استمع  ( 6 المقالات )

..................................................................................................................................................

اغانى عربيه الداودي
الداودي
الاكو هلمو سماع الأغنية حفظ الأغنية
الكيه كواتتر سماع الأغنية حفظ الأغنية
الناس كالوا - جاني سكران - وش تسالو سماع الأغنية حفظ الأغنية
بغيت تنساها - اللي وصلك - لاواه يامي سماع الأغنية حفظ الأغنية
توشيه  دكاليه سماع الأغنية حفظ الأغنية
دارو لباسونسو الخير سماع الأغنية حفظ الأغنية
سواكن مير سماع الأغنية حفظ الأغنية
سواكن - التواشي سماع الأغنية حفظ الأغنية
فين ما بغيتي - اش غادي سماع الأغنية حفظ الأغنية
ما زلت  صغيره سماع الأغنية حفظ الأغنية
مازال صغير علي الحب سماع الأغنية حفظ الأغنية
مغربين يا دني سماع الأغنية حفظ الأغنية
واوه سماع الأغنية حفظ الأغنية
وجبه - حالي ماشي سماع الأغنية حفظ الأغنية

اعلى الصفحه

اغانى عربيه reda taliani
reda taliani
camicas سماع الأغنية حفظ الأغنية
jose  fine سماع الأغنية حفظ الأغنية

اعلى الصفحه
الشاب عمرو
المية سماع الأغنية حفظ الأغنية
عذابي طول سماع الأغنية حفظ الأغنية
كلبي عدوي سماع الأغنية حفظ الأغنية
كلت نبطل سماع الأغنية حفظ الأغنية
كنت هاني سماع الأغنية حفظ الأغنية
ولي لي سماع الأغنية حفظ الأغنية

اعلى الصفحه

سامي يوسف

Alayka سماع الأغنية حفظ الأغنية
burdah سماع الأغنية حفظ الأغنية
Eid song سماع الأغنية حفظ الأغنية
every night سماع الأغنية حفظ الأغنية
free سماع الأغنية حفظ الأغنية
hasbi rabbi سماع الأغنية حفظ الأغنية
mother سماع الأغنية حفظ الأغنية
Tala al Badru Alayna سماع الأغنية حفظ الأغنية
muhammad1 سماع الأغنية حفظ الأغنية
muhammad سماع الأغنية حفظ الأغنية
Munajat سماع الأغنية حفظ الأغنية
salawat سماع الأغنية حفظ الأغنية
my ummah سماع الأغنية حفظ الأغنية
no one but allah سماع الأغنية حفظ الأغنية
O Allah سماع الأغنية حفظ الأغنية
ya rasuiallah سماع الأغنية حفظ الأغنية
ya llahal kawni سماع الأغنية حفظ الأغنية

اعلى الصفحه

منوعات راي
احياني علي الغرام سماع الأغنية حفظ الأغنية
الزهواني احمد سماع الأغنية حفظ الأغنية
الزين الصحراوي سماع الأغنية حفظ الأغنية
الهواري نشوفها خيانه سماع الأغنية حفظ الأغنية
new لمين سماع الأغنية حفظ الأغنية
انور mon cahier de souvenir سماع الأغنية حفظ الأغنية
بلال الشبيبه سماع الأغنية حفظ الأغنية
بلال يا كاس وين دايني سماع الأغنية حفظ الأغنية
حرام عليك يا بنيه سماع الأغنية حفظ الأغنية
حسني لفيها فيه سماع الأغنية حفظ الأغنية
خالد هاراي سماع الأغنية حفظ الأغنية
علاش شفتي في سماع الأغنية حفظ الأغنية
كريم ايلا كلت سماع الأغنية حفظ الأغنية
مامي دارتها بروحي سماع الأغنية حفظ الأغنية
محمد لمين داروني سماع الأغنية حفظ الأغنية
نصر راح ليله سماع الأغنية حفظ الأغنية

Publicité
Publicité
2 février 2007

أغاني الأعراس أحلام أشواق أصايل أفراح العنود

       أغاني الأعراس

أحلام

أشواق

أصايل

أفراح العنود

اقبال

العنود

ام سالم

ام فهد

ام فيصل

امجاد

اهداف

بدور

حسنة

حياة الصالح

زبيدة

سليمة

صيته

عتاب

ماري سعيد

مناهل

موضي

نديبة

نورة

....................................................................1.

ابـتـسـم user posted image

user posted image
user posted image

اغاني عربية,اغاني اجنبية,صور فنانين,جميلات العرب,جميلات العالم   

Arabic songs  Arabic music  Arabic singers

SyriaLine.com
موقع الفن و الفنانين

اغاني لبنانية

اغاني سورية

فيروز, وديع الصافي, نجوى كرم, فضل شاكر, نانسي عجرم, اليسا,...

صباح فخري, جورج وسوف, اصالة نصري, علي الديك,...

أغاني عربية يمنية سودانية

اغاني مصرية

صابر الرباعي, لطيفة, سميره سعيد, ديانا كرزون, ذكرى, ...

ام كلثوم, عبد الوهاب, عبد الحليم, هاني شاكر, عمرو دياب,..

أغاني سعودية

اغاني عراقية

عبد المجيد عبداللهراشد الماجد, عبادي الجوهرمحمد عبده , جواد العلي.

سعدون الجابري, ياس خضر, كاظم الساهر, علي العيساوي, ...

أغاني كـويتية

أغاني بحرينة

عبد الله رويشد, نوال, نبيل شعيل, عبد الكريم, فيصل السعد..

خالد الشيخ, عادل محمود, فرقة الأخوة البحرينية..

اغاني مغربية

أغاني إماراتية

الشاب جيلاني, الشاب فاضل, أمل وهبي, الشاب مامي, الشاب خالد..

حسين الجسمي, أحلام, محمد المازم, عبدالله بالخير..

 فيديو كليب

أغاني أجنبية تركية هندية

فيديو كليبات عربية منوعة

سيلن ديون, جنيفر لوبز, ماريا كري, ريكي مارتن, ويست لايف...

بلوتوث

 العاب

مقاطع بلوتوث و ثيمات للجوال

العاب حركة العاب طاولة العاب ورق

 صور

خلفيات و شاشات توقف

صور منوعة سيارات طبيعة مشاهير

شاشات توقف و خلفيات إسلامية عربية مطربين افلام

 أخبار الفن

  دردشة

آخر أخبار أهل الفن و أسرارهم

دردش و تعرف على أصدقاء جدد

ماغي فرح 2007 : سنة المفاجآت الكبرى

بـلاش عـتـاب أستماع   تحميل
حبيـبـتي عندي أستماع   تحميل
كـلمتـني تـقول أستماع   تحميل
دقيقـه يا نظر أستماع   تحميل
تخـيلي وعـيـشي أستماع   تحميل
أنا بـيني أستماع   تحميل
تـعالي يا غريـبه أستماع   تحميل
هـل دمعي أستماع   تحميل
هاكم وصاتي أستماع   تحميل
ذكرتـني حبك أستماع   تحميل
عالجوني أستماع   تحميل
سافري لديار حايل أستماع   تحميل
عـابـر سـبـيل أستماع   تحميل
يا ساكن حي الصفرا أستماع   تحميل
أحبك موت أستماع   تحميل
جتني تقول أستماع تحميل
أبتديت القوافي أستماع   تحميل
لا متى في عالم أستماع   تحميل
عـيون المزايين أستماع   تحميل
يا مـوت ودي أستماع   تحميل
عـليك الله واكبر أستماع   تحميل
ألا يا ليل قلي أستماع   تحميل
أبي أبني أستماع   تحميل
رايــق أستماع   تحميل
محن قلبي أستماع تحميل
يا سلام الله أستماع   تحميل
مليت من شكوى أستماع   تحميل
يا أعز الناس أستماع   تحميل
حل الفراق أستماع   تحميل
يا كمال التمني أستماع   تحميل
يا عرب عـيـني أستماع   تحميل
تزايد عذابي أستماع   تحميل
هات الـقلم أستماع   تحميل
حبيبي ياشغل بالي أستماع   تحميل
من رداة الحظ أستماع   تحميل
كل ما جيت أستماع   تحميل
يا ناس روحي أستماع   تحميل
يا صاحبي أستماع   تحميل
تعبـنا وضحـينا أستماع   تحميل
مجاريح أستماع   تحميل
علامك تبكي أستماع   تحميل
أسباب جرحي أستماع   تحميل
سافـر حـبيـب أستماع   تحميل
خل الزعل أستماع   تحميل
أضحك معك أستماع   تحميل
كتـمت الحب أستماع   تحميل
سافري خلي أستماع   تحميل
يا بو عيون أستماع   تحميل
حيرونا البـيض أستماع   تحميل
تجري بي الاقدار أستماع   تحميل
مضت الاقدار أستماع   تحميل
كل ما صادفتني أستماع   تحميل
الله حسيبك أستماع   تحميل
دنياك حلوه أستماع   تحميل
أنا البارحه هلت أستماع   تحميل
يا بوعين كحيله أستماع   تحميل
يا كامل الزين أستماع   تحميل
شفي مع البدو أستماع   تحميل
يالأخضري دلعوك أهلك استماع تحميل
لا تتصل بي طابت النفس يا زين استماع تحميل
مع الزمل الأول استماع تحميل
آه واويلاه من عمٍ ظلوم استماع تحميل
أبكي على ما جرالي ياهلي استماع تحميل
بلا خطيّه صاحبي باح الأسرار استماع تحميل
سرى البارق اللي له زمانين ما سرا استماع تحميل
يا سعد لاتحاول كل شي ٍ تعرفه استماع تحميل
مجبور يالغالي استماع تحميل
في ساعت تلاقينا استماع تحميل
يا الله وانا طالبك حمرٍ هوى بالي استماع تحميل
خمس الحواس استماع تحميل
ألبارحه مابين صاحي ونايم استماع تحميل
يا سعود ما شفت أريش العين استماع تحميل
وين راحوا عن وطنهم استماع تحميل
لنا الله يا خالي من الشوق استماع تحميل
ألا يالله سألتك استماع تحميل
أحمد الله استماع تحميل
السمر والبيض استماع تحميل
قف بالطواف استماع تحميل
عاتبيني يا قروية استماع تحميل

بـلاش عـتـاب [ أستماع ] [ تحميل ]
حبيـبـتي عندي [ أستماع ] [ تحميل ]
كـلمتـني تـقول [ أستماع ] [ تحميل ]
دقيقـه يا نظر [ أستماع ] [ تحميل ]
تخـيلي وعـيـشي [ أستماع ] [ تحميل ]
أنا بـيني [ أستماع ] [ تحميل ]
تـعالي يا غريـبه [ أستماع ] [ تحميل ]
هـل دمعي [ أستماع ] [ تحميل ]
هاكم وصاتي [ أستماع ] [ تحميل ]
ذكرتـني حبك [ أستماع ] [ تحميل ]
عالجوني [ أستماع ] [ تحميل ]
سافري لديار حايل [ أستماع ] [ تحميل ]
عـابـر سـبـيل [ أستماع ] [ تحميل ]
يا ساكن حي الصفرا [ أستماع ] [ تحميل ]
أحبك موت [ أستماع ] [ تحميل ]
جتني تقول [ أستماع ] [ تحميل ]
أبتديت القوافي [ أستماع ] [ تحميل ]
لا متى في عالم [ أستماع ] [ تحميل ]
عـيون المزايين [ أستماع ] [ تحميل ]
يا مـوت ودي [ أستماع ] [ تحميل ]
عـليك الله واكبر [ أستماع ] [ تحميل ]
ألا يا ليل قلي [ أستماع ] [ تحميل ]
أبي أبني [ أستماع ] [ تحميل ]
رايــق [ أستماع ] [ تحميل ]
محن قلبي [ أستماع ] [ تحميل ]
يا سلام الله [ أستماع ] [ تحميل ]
مليت من شكوى [ أستماع ] [ تحميل ]
يا أعز الناس [ أستماع ] [ تحميل ]
حل الفراق [ أستماع ] [ تحميل ]
يا كمال التمني [ أستماع ] [ تحميل ]
يا عرب عـيـني [ أستماع ] [ تحميل ]
تزايد عذابي [ أستماع ] [ تحميل ]
هات الـقلم [ أستماع ] [ تحميل ]
حبيبي ياشغل بالي [ أستماع ] [ تحميل ]
من رداة الحظ [ أستماع ] [ تحميل ]
كل ما جيت [ أستماع ] [ تحميل ]
يا ناس روحي [ أستماع ] [ تحميل ]
يا صاحبي [ أستماع ] [ تحميل ]
تعبـنا وضحـينا [ أستماع ] [ تحميل ]
مجاريح [ أستماع ] [ تحميل ]
علامك تبكي [ أستماع ] [ تحميل ]
أسباب جرحي [ أستماع ] [ تحميل ]
سافـر حـبيـب [ أستماع ] [ تحميل ]
خل الزعل [ أستماع ] [ تحميل ]
أضحك معك [ أستماع ] [ تحميل ]
كتـمت الحب [ أستماع ] [ تحميل ]
سافري خلي [ أستماع ] [ تحميل ]
يا بو عيون [ أستماع ] [ تحميل ]
حيرونا البـيض [ أستماع ] [ تحميل ]
تجري بي الاقدار [ أستماع ] [ تحميل ]
مضت الاقدار [ أستماع ] [ تحميل ]
كل ما صادفتني [ أستماع ] [ تحميل ]
الله حسيبك [ أستماع ] [ تحميل ]
دنياك حلوه [ أستماع ] [ تحميل ]
أنا البارحه هلت [ أستماع ] [ تحميل ]
يا بوعين كحيله [ أستماع ] [ تحميل ]
يا كامل الزين [ أستماع ] [ تحميل ]
شفي مع البدو [ أستماع ] [ تحميل ]
يا هووووه قلبي على نارين [ أستماع ] [ تحميل ]
يالمبرقع [ أستماع ] [ تحميل ]
صاحبي جاني يشكي [ أستماع ] [ تحميل ]

مشاهده تحميل 

مشاهده تحميل 

مشاهده تحميل 

المشهد الاول المشهد السادس
المشهد الثاني المشهد السابع
المشهد الثالث المشهد الثامن
المشهد الرابع المشهد التاسع
المشهد الخامس المشهد العاشر

مصحف المسجد النبوي 1423 هـ [مكتمل]
القراء المشايخ : علي الحذيفي ، صلاح البدير ، عبد الباري الثبيتي ، عبد المحسن القاسم ، حسين آل الشيخ ... وكانت قراءتهم في صلاة القيام بالمسجد النبوي الشريف عام 1423 هـ .


6 سامي يوسف


6 فرقة الاعتصام


6 الشيخ حسين الأكرف


6 عماد رامي


6 مشاري بن العفاسي


6 ميس شلش


6 احمد الجابري


6 يحيى  حوا

6 Dj Remix


 

فرقة6 النور الاسلامية

ادخل و استمع  ( 6 المقالات )

اناشيد سامي يوسف

 

فيديو كليب: المعلم
فيديو كليب: الدعاء

عرض مفصل: أنشودة المعلم
عرض مفصل: أنشودة الدعاء

فيديو كليب أماه
 فيديو كليب حسبي ربي

صور سامي يوسف

صور سامي يوسف

اناشيد متنوعه

 

1 شعلة الهداية همس الهداية حفظ استماع
2 روحي تنادي همس الهداية حفظ استماع
3 يا إلهي همس الهداية حفظ استماع
4

يا من ستفارق دنيانا

همس الهداية حفظ استماع

5 يا ساريا في ظلام الليل صقور العز

mp3 حفظ

6 ألا يا أيها البشر همس الهداية حفظ استماع
7 هاك قلبي يا إلهي همس الهداية حفظ استماع
8 كي تلقى المعالي همس الهداية حفظ استماع

9 غريب الدّار والأهل شموع لا تنطفئ حفظ استماع
10 لن نهادن شموع لا تنطفئ حفظ استماع
11 أخت الإسلام شموع لا تنطفئ حفظ استماع
12 أنا الإسلام شموع لا تنطفئ حفظ استماع

13 يا أخي قم خندقي حفظ استماع
14 رحلة أمل رحلة أمل حفظ استماع
15 ظلام الليل ينجاب رحلة أمل حفظ استماع
16 ونحن بأمّة تسمو رحلة أمل حفظ استماع

 
17 ياسيدا ألم استماع
18 لاإله إلا الله ألم استماع
19 ابحبي أحبابي ألم استماع
20 سقاك الفؤاد ألم استماع

21 عرفتك يا الله استماع
22 الهنا يا الله استماع
23 رباه يارحمن يا الله استماع
24 شعلة الإسلام يا الله استماع

اغاني شعبية مغربية

منوعات شعبية عزيز و سمر نجاة عتابو  عروس المغرب ميمون البركاني 

الدودي
Daoudi
عزيز البركاني
---------------- Author - Track title ---------------

اغاني الاعراس المغربية-Mariage Mix


منوعات 2 أرسل هذا الالبوم لصديق
منوعات 1 أرسل هذا الالبوم لصديق

مجموعه من اناشيد المنشد السوري عماد رامي




1. البوم ابنة الأسلام



صلو عليه

هو الواحد

بالقول الثابت


الرحمن


دين التسامح


من سوى الله


ابنه الاسلام

حبيبي ياولدي

===========================


2. البوم أسعد ليالي






زفوا التهاني

اختر لنفسك


يالسعدي


اطب نفسك

زيدوا الانوار

الفرح هل

لالجمال


احلي الاعراس

دامت الافراح

غردي

نادي خير المرسلين


اجاك الموت يا تارك الصلاة

1 février 2007

القانون الاساسي لجمعية الشروق بمقتضى الضهير

                      القانون الاساسي لجمعية الشروق                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           بمقتضى الضهير الشريــف رقم 376-58-1 الصادر في 3 جمادى الاولى 1378 موافق 15 نونبر 1958، المعـــــدل بالظهير الشريــــف 283-73-1 بتاريخ 6 ربيع الاول 1393 موافـــق 10 ابريل 1973، تأسســـت بين الأعضـــــاء الذين صادقوا على هذا القانــــون الجمعية المغربية للتنمية والتعاون –جهة دكالة عبدة 

الفصل الاول : التسمية - المقر - الاهداف

المادة 1 : تحمل هذه الجمعية اسم : الجمعية المغربية للتنمية والتعاون- جهة دكالة عبدة-                                                              المادة 2 : تشتغل الجمعية في حدود دائرة لعمالتي اسفي   ومنطقة سبت جزولة و يوجد مقرها بسبت جزولة و لا يمكن تغييره الا بقرار من المكتب المسير

المادة 3 : تهدف هذه الجمعية الى :
  دعم اعضاء الجمعية
  الاستفادة من دعم الدولة و البحث عن مصادر اضافية لتمويل احتياجات الجمعية
     خلق مشاريع نمودجية للتنمية بمنطقت سبت جزولةواسفي.
.....................................................................................
.................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

  تنظيم دورات تكوينية في المجال التقافي والفني                                                                                                       المادة 4 : و لتحقيق هذه الاهداف تسعى الجمعية الى :
  ربط قنوات الاتصال مع مختلف الجهات المسؤولة.
  ربط صلة التعاون و التشارك مع مختلف الهيئات الجمعيات و المنظمات ذات الاهداف المشتركة سواء داخل الوطن او خارجه

الفصل الثاني : العضوية

المادة 5 : العضو الفاعل هو كل شخص يساهم في انشطة الجمعية بصفة فعلية و له الحق في التصويت و تتوفر فيه الشروط التالية                ان يلتزم بالقانون الاساسي و الداخلي للجمعية و يعمل على تحقيق اهدافها
  ان يؤدي واجب اشتراكه السنوي
                                                                                                                         المادة 6 : العضو الشرفي و هو كل شخص يرى الجمع العام او المكتب المسيرانه مؤهل لتقديم دعم مادي او معنوي خدمة لاهداف الجمعية  المادة 7 : يفقد صفة العضوية كل من تقدم باستقالة كتابية او تم فصله من طرف الجمع العام او المكتب المسير باغلبية ثلثي اعضائه نتيجة اخلاله بالتزامه تجاه الجمعية

الفصل الثالث : الهياكل التنظيمية للجمعية

أ- الجمع العام :

المادة 8 : يتكون الجمع العام للجمعية من كل الاعضاء المنخرطين و هو اعلى هيئة تقريرية                                                            المادة 9 : يجب اشعار كل المنخرطين بتاريخ و مكان الجمع العام العادي او الاستثنائي و جدول اعماله، اسبوعين على الاقل قبل انعقاده.    المادة 10 : تتحدد مهام الجمع العام فيما يلي :
   مناقشة التقريرين المالي و الادبي
   وضع برنامج عمل الجمعية وفق ما تنص عليه اهدافها
   مراجعة القانون الاساسي و الداخلي للجمعية
   انتخاب اعضاء المكتب المسير                                                                                                                           حل الجمعية.
                                                                                                                                                    المادة 11 : يكون الجمع العام مستوفيا لنصابه القانوني بحضور نصف الاعضاء المنخرطين على الاقل و اذا لم يكتمل هذا النصاب يعقد جمع عام ثاني في مدة لا تقل عن 15 يوما، و حينها بمن حضر من الاعضاء                                                                                   المادة 12 : ينعقد الجمع العادي للجمعية على رأس كل سنة، و ينعقد استثناءا بطلب من ثلثي الاعضاء المنخرطين او بطلب من المكتب المسير و تتخذ قرارته بالاغلبية

ب- المكتب المسير:

المادة 13 : يتكون المكتب المسير من 5 اعضاء ينتخبهم الجمع العام و هم : الرئيس)ة( و نائبه)ة(، الكاتب)ة( العام)ة( و نائبه)ة( ، امين)ة( المال. المادة 14 : تتوزع مهام التسيير بين اعضاء المكتب على الشكل التالي :
   الرئيس : يمثل الجمعية امام السلطات ويسهر على تنفيذ قرارات الجمعات العامة، و يتولى توفير الوسائل المادية اللازمة لتسيير نشاطات الجمعية و تحقيق اهدافها
   الكاتب العام : يحرر محاضر الاجتماعات و يوثق عمل الجمعية كما يتكلف بتهيء المراسلات و مشروع التقرير الادبي
   امين المال : يتحمل مسؤولية التسيير المالي و يضبط حسابات الجمعية و يهيئ مشروع التقرير المالي
   النواب : يساعدون من ينوبون عنهم في حضورهم و يخلفونهم في غيابهم
                                                                          المادة 15 : يجتمع المكتب المسير مرة كل ثلاثة أشهر او كلما دعت الضرورة الى ذلك و يتخذ قرارته بالتوجه العام                                  المادة 16 : تتكون مالية الجمعية من : أ‌- الاشتراكات و المساهمات التي يؤديها المنخرطون ب‌- الهبات و التبرعات غير المشروطة التي تتقدم بها هيئات او جمعيات ذات الاهداف المشتركة ت‌- المنح التي قد تمنحها السلطات او المجالس المنتخبة ث‌- مداخيل انشطة الجمعية                 المادة 17 : تصرف مالية الجمعية فيما يلزم لتدبير شؤونها و تسير نشاطاتها و تحقيق اهدافها                                                     المادة 18 : يفتح حساب بنكي باسم جمعية و تودع به اموالها و في حالة الامر بالصرف يوقع الشيك الرئيس و امين المال الفصل الرابع : مدة الجمعية                                                                                                                                                    المادة 19 : تعمل الجمعية مبدئيا لاجل غير محدد المادة 20 : في حالة حل الجمعية و ذلك باغلبية ثلاثة أرباع (3/4) من الاعضاء الحاضرين في الجمع العام، يجب ان تتكلف لجنة منتدبة عن الجمع بتصفية ممتلكات الجمعية و تفويتها لصالح جمعيات ذات اهداف اجتماعية، كما تطبق هذه المادة على كل عضو لم يلتزم المقررات الصادرة عند الجمعية.

1 février 2007

تقديمالمراحل الأولى للتأسيسالإجراءات القانونية

تقديم
المراحل الأولى للتأسيس
الإجراءات القانونية

تقديم

من السهل الإحاطة بكل ما هو قانوني وعملي في إطار تأسيس جمعية بالمغرب في ظل تواجد أمرين أساسين : التوثيق والإرادة.
كم من جمعية انطلقت بأهداف محددة وانتقلت بعد ذلك إلى العمل بأنشطة بعيدة كل البعد عن اختياراتها التأسيسية. يرجع ذلك إلى كون العناصر الأولى التي ساهمت في التأسيس ووضع الأسس الأولى للجمعية لم تقم بتوثيق وأرشفة ما يمكن تسميته بالدواعي التأسيسية. وتظل هذه النقطة بالأساس من المحاور التي اختلف ويختلف فيها الكثير حيث أن الغالبية العظمى ممن لهم إرادة العمل يريدون المرور مباشرة للقيام بالأنشطة التي ستترك الأثر المأمول. غير أنه مع مرور الزمن وتغير الأشخاص تأخذ تلك الأنشطة مناحي مختلفة قد تزيغ عن الخط الاستراتيجي والدافع الأساسي الذي كان التأسيس من أجله. لدى يظل لزاما على من يود تأسيس الجمعية كتابة تصور يشمل:
-   منطلقات التأسيس،
-   الأسئلة والإشكالات التي يراد الإجابة عنها،
-   ميادين التدخل
-   ومنهجية العمل.

في غالبية الأحيان تقوم الجمعيات باستنساخ قوانين أساسية لتقديم ملفاتها للسلطات المعنية. ولكن، رغم أن الحجية القانونية لهته القوانين لا تناقش، تكون إلزاميته الداخلية والاعتبارية داخل الجمعية غير ذي مصداقية. ومن وجهة نظرنا، يستحسن أن يكون القانون الأساسي للجمعية مستنبطا من توجهها وتصورها عوض أن يكون وثيقة زائدة تكمل الملف الإداري فقط. من الطبيعي أن تتم الاستعانة ببعض القوانين والتجارب الموجودة، غير أنها يجب أن تظل في حدود الاستئناس خصوصا من ناحية الأبواب والشكل، أما ما يتعلق بالأهداف، الهياكل التنظيمية والعضوية فيجب أن تطرح للنقاش الفعلي بين الأعضاء المؤسسين.

المراحل الأولى للتأسيس

من خلال التقديم يتضح أن أول خطوة يجب اتباعها خلال عملية تأسيس الجمعية هي بناء التصور العام ووضع القوانين الأساسية.

غير أن بين هاتين المرحليتين المهمتين هناك بعض الخطوات الإجرائية منها تكوين اللجنة التحضيرية، تقسيم المهام، إعداد لائحة بالأعضاء المؤسسين والاتصال بهم، وانتهاء بتحديد موعد الجمع العام التأسيسي.

الخطوات العشر الأولى لتأسيس الجمعية:

1- تكوين اللجنة التحضيرية
2- توزيع المهام على أعضاء اللجنة التحضيرية
3- إعداد مشروع التصور العام للجمعية
4- إعداد مشروع القانون الأساسي
5- تحديد لائحة بالأعضاء المؤسسين
6- الاتصال بالأعضاء المقترحين ومناقشة الفكرة ودواعي التأسيس وطلب الموافقة المبدئية
7- تحديد موعد الجمع العام التأسيسي
8- إعلام السلطات المحلية بموعد الجمع العام التأسيسي ومكان انعقاده - في حالة اختيار مكان عمومي، لا يكفي الإعلام بل يجب طلب الترخيص لذلك-
9- بعث بدعوة للأعضاء المؤسسين مصحوبة بالوثائق اللازمة قبل مدة تتراوح مابين 10 و 15 يوما بحسب حجم ومحتويات الوثائق. وبشكل عام، الوثائق الضرورية المرفقة للدعوة هي :
‌أ. مشروع القانون الأساسي
‌ب. مشروع التصور العام
‌ج. لائحة بأسماء الأعضاء المؤسسين

10- انعقاد الجمع العام التأسيسي: وتتألف أشغال الجمع العام التأسيسي من :
‌أ. كلمة اللجنة التحضيرية: تشمل الترحاب، والتذكير بأسباب ودواعي التأسيس وكذا الخطوات التي تم سلكها للوصول إلى المرحلة
‌ب. تقديم الخطوط العريضة للتصور - على اعتبار أن الأعضاء توصلوا به وقرؤوه - ومناقشته
‌ج. تقديم القانون الأساسي ومناقشته والتصويت عليه
‌د. تعيين أو تصعيد أو انتخاب أعضاء المكتب المسير: إن عملية اختيار المكتب المسير الذي سيقود المرحلة التأسيسية هي أول وأهم مهمة يقوم بها الأعضاء المؤسسون. لذلك كان لزاما اختيار الوسيلة الناجعة التي ستضمن انتقاء أعضاء المكتب المسير الذين سيكونون في مستوى المرحلة التأسيسية. كثيرة هي الجمعيات التي لديها طاقات بشرية هائلة، وتصور واضح، ولعدم الاكتراث لعملية اختيار أعضاء المكتب المسير الأول، تهاوت آفاقها وتصوراتها، ولم تر أعمالها النور. قد تكون الانتخابات هي الحل، باعتبار أنها تراعي مبدأي الرغبة والتنافس، إلا أنه وحسب اعتقادنا، تكون مهمة صعبة إذا كان الأعضاء المؤسسون للجمعية لا يتعارفون فيما بينهم. لذلك، نرى أنه يجب التمييز بين قواعد انتخاب المكتب المسير الأول، وانتخاب المكاتب التي تليه. ففي الوقت الذي لا محيد عن الانتخابات الديمقراطية والشفافة في انتخاب المكاتب العادية، يكون التصعيد من العمليات المحبذة. حيث تتشكل لجنة للترشيح تتكون من النواة التأسيسية الأولى بالأساس، ثم تقدم لائحة بأسماء الراغبين في تولي مسؤولية تسيير الجمعية، وتختار منهم اللجنة من ترى فيهم القدرة على تسيير الجمعية في هذه المرحلة.

بعد انعقاد الجمع العام التأسيسي وتعيين المكتب، هل يمكن اعتبار أن الجمعية قد تكونت فعلا؟ بالنسبة للجمعية هناك نوعان من التواجد: فعلي وقانوني .
1- التواجد الفعلي: تعتبر الجمعية متواجدة فعلا ابتداء من انعقاد الجمع العام التأسيسي وبقيامها بأنشطة داخل إطار التدخل الذي حددته لنفسها
2- التواجد القانوني: يتم عادة بعد وضع الملف القانوني لدى السلطات المحلية عند مديرية الشؤون العامة بالبلدية أو الباشاوية. وبمجرد حصول الجمعية على وصل الإيداع المؤقت تصبح الجمعية موجودة قانونيا ويمكن مزاولة بعض الأنشطة الداخلية كتنظيم العمل الداخلي وتحضير الوثائق التنظيمية. على أن القانون حدد أن الجمعيات ستحصل على الوصل النهائي وجوبا في أجل أقصاه شهرين. وفي حالة مرور شهرين دون أن تحصل على الوصل النهائي، تعتبر الجمعية كاملة الشخصية الاعتبارية والقانونية ويمكن مزاولة أنشطتها بكامل الحرية.

الإجراءات القانونية

وللتوضيح فقط، إن وصل الإيداع هو إعلان عن الوجود القانوني للجمعية (شهادة ميلاد) وليس ترخيصا بالعمل. فالقانون المغربي لم يحدد في أي من فصوله أن الجمعية التي لم تحصل على وصل الإيداع لا يرخص لها بالعمل. ويعتبر أي ادعاء من هذا القبيل هو تجاوز في استعمال السلطة.

ويتكون الملف القانوني من:
-   القانون الأساسي مصادق عليه: للإشارة، المطلوب الإمضاء والمصادقة على كل صفحة من صفحات القانون الأساسي
-   صور ة البطاقة الوطنية لكل عضو من أعضاء المكتب المسير
-   لائحة أعضاء المكتب المسير وتشمل: الأسماء الشخصية والعائلية، الجنسية، السن، تاريخ ومكان الازدياد، المهنة، والعنوان.
-   محضر الجمع العام التأسيسي: للعلم فقط ليس المطلوب في محضر الجمع العام الإحاطة بجميع تفاصيل النقاش الذي دار خلال الجمع وإنما ذكر فقط الخطوط العريضة كقراءة التصور والقانون الأساسي والمصادقة عليهما، انتخاب المكتب مع ذكر أسماء أعضاء المكتب وكذا تاريخ ومكان انعقاد الجمع العام.
وتقدم هذه الوثائق في ثلاث نسخ

..................................................................................................................................................

http://poly-ball.oldiblog.com/?page=news........................................................................................

................................................................................................................................................

طبقــــا لمقتضيات الظهير الشريــف رقم 376-58-1 الصادر في 3 جمادى الاولى 1378 موافق 15 نونبر 1958، المعـــــدل بالظهير الشريــــف 283-73-1 بتاريخ 6 ربيع الاول 1393 موافـــق 10 ابريل 1973، تأسســـت بين الأعضـــــاء الذين صادقوا على هذا القانــــون الجمعية المغربية المهنية للمهندسين الزراعيين - جهة الشمال-

الفصل الاول : التسمية - المقر - الاهداف

المادة 1 : تحمل هذه الجمعية اسم : الجمعية المغربية للتنمية والتعاون- جهة دكالة عبدة- المادة 2 : تشتغل الجمعية في حدود دائرة لعمالتي اسفي   ومنطقة سبت جزولة و يوجد مقرها بسبت جزولة و لا يمكن تغييره الا بقرار من المكتب المسير

المادة 3 : تهدف هذه الجمعية الى :
  دعم اعضاء الجمعية
  الاستفادة من دعم الدولة و البحث عن مصادر اضافية لتمويل احتياجات الجمعية
   
  خلق مشاريع نمودجية للتنمية بمنطقت سبت جزولةواسفي.
  تنظيم دورات تكوينية في المجال التقافي والفني                                                                                                       المادة 4 : و لتحقيق هذه الاهداف تسعى الجمعية الى :
  ربط قنوات الاتصال مع مختلف الجهات المسؤولة.
  ربط صلة التعاون و التشارك مع مختلف الهيئات الجمعيات و المنظمات ذات الاهداف المشتركة سواء داخل الوطن او خارجه

الفصل الثاني : العضوية

المادة 5 : العضو الفاعل هو كل شخص يساهم في انشطة الجمعية بصفة فعلية و له الحق في التصويت و تتوفر فيه الشروط التالية : ان يكون مستفيدا من برنامج كراء اراضي تابعة لملك الدولة
  الخاص لفائدة المهندسين الزراعيين
  ان يلتزم بالقانون الاساسي و الداخلي للجمعية و يعمل على تحقيق اهدافها
  ان يؤدي واجب اشتراكه السنوي المادة 6 : العضو الشرفي و هو كل شخص يرى الجمع العام او المكتب المسيرانه مؤهل لتقديم دعم مادي او معنوي خدمة لاهداف الجمعية المادة 7 : يفقد صفة العضوية كل من تقدم باستقالة كتابية او تم فصله من طرف الجمع العام او المكتب المسير باغلبية ثلثي اعضائه نتيجة اخلاله بالتزامه تجاه الجمعية

الفصل الثالث : الهياكل التنظيمية للجمعية

أ- الجمع العام :

المادة 8 : يتكون الجمع العام للجمعية من كل الاعضاء المنخرطين و هو اعلى هيئة تقريرية المادة 9 : يجب اشعار كل المنخرطين بتاريخ و مكان الجمع العام العادي او الاستثنائي و جدول اعماله، اسبوعين على الاقل قبل انعقاده. المادة 10 : تتحدد مهام الجمع العام فيما يلي :
   مناقشة التقريرين المالي و الادبي
   وضع برنامج عمل الجمعية وفق ما تنص عليه اهدافها
   مراجعة القانون الاساسي و الداخلي للجمعية
   انتخاب اعضاء المكتب المسير
   حل الجمعية. المادة 11 : يكون الجمع العام مستوفيا لنصابه القانوني بحضور نصف الاعضاء المنخرطين على الاقل و اذا لم يكتمل هذا النصاب يعقد جمع عام ثاني في مدة لا تقل عن 15 يوما، و حينها بمن حضر من الاعضاء المادة 12 : ينعقد الجمع العادي للجمعية على رأس كل سنة، و ينعقد استثناءا بطلب من ثلثي الاعضاء المنخرطين او بطلب من المكتب المسير و تتخذ قرارته بالاغلبية

ب- المكتب المسير:

المادة 13 : يتكون المكتب المسير من 5 اعضاء ينتخبهم الجمع العام و هم : الرئيس)ة( و نائبه)ة(، الكاتب)ة( العام)ة( و نائبه)ة( ، امين)ة( المال. المادة 14 : تتوزع مهام التسيير بين اعضاء المكتب على الشكل التالي :
   الرئيس : يمثل الجمعية امام السلطات ويسهر على تنفيذ قرارات الجمعات العامة، و يتولى توفير الوسائل المادية اللازمة لتسيير نشاطات الجمعية و تحقيق اهدافها
   الكاتب العام : يحرر محاضر الاجتماعات و يوثق عمل الجمعية كما يتكلف بتهيء المراسلات و مشروع التقرير الادبي
   امين المال : يتحمل مسؤولية التسيير المالي و يضبط حسابات الجمعية و يهيئ مشروع التقرير المالي
   النواب : يساعدون من ينوبون عنهم في حضورهم و يخلفونهم في غيابهم المادة 15 : يجتمع المكتب المسير مرة كل ثلاثة أشهر او كلما دعت الضرورة الى ذلك و يتخذ قرارته بالتوجه العام المادة 16 : تتكون مالية الجمعية من : أ‌- الاشتراكات و المساهمات التي يؤديها المنخرطون ب‌- الهبات و التبرعات غير المشروطة التي تتقدم بها هيئات او جمعيات ذات الاهداف المشتركة ت‌- المنح التي قد تمنحها السلطات او المجالس المنتخبة ث‌- مداخيل انشطة الجمعية المادة 17 : تصرف مالية الجمعية فيما يلزم لتدبير شؤونها و تسير نشاطاتها و تحقيق اهدافها المادة 18 : يفتح حساب بنكي باسم جمعية و تودع به اموالها و في حالة الامر بالصرف يوقع الشيك الرئيس و امين المال الفصل الرابع : مدة الجمعية المادة 19 : تعمل الجمعية مبدئيا لاجل غير محدد المادة 20 : في حالة حل الجمعية و ذلك باغلبية ثلاثة أرباع (3/4) من الاعضاء الحاضرين في الجمع العام، يجب ان تتكلف لجنة منتدبة عن الجمع بتصفية ممتلكات الجمعية و تفويتها لصالح جمعيات ذات اهداف اجتماعية، كما تطبق هذه المادة على كل عضو لم يلتزم المقررات الصادرة عند الجمعية.

............................................................................................................................................................................

12 décembre 2006

سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى

سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله

محمد بن شاكر الشريف


الدعوة إلى الله تعالى عبادة من أشرف العبادات وعمل من أجل الأعمال لا يقوم به على وجهه الصحيح إلا أولو العزم من الرجال لما يكتنفه من مشاق ومسئوليات وخاصة في زمان غربة الدين ، والدعوة إلى الله مهمة رسل الله إلى الناس من لدن آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله  صلى الله عليه وسلم  الذين جعلهم الله تعالى واسطة بينه وبين خلقه يبلغون عنه شرعه إليهم ، ويكفي في بيان شرف هذا العمل قوله تعالى : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين )* أي : لا أحسن من ذلك على الإطلاق، لكن الدعوة عمل ، والعمل لا يؤتي ثماره المرجوة منه إلا أن يؤدى على وجه من الإتقان والكمال وهذا هو ما يحبه الله تعالى كما قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : (إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) والإتقان في الدعوة أجل وأخطر من أي عمل آخر لأن الدعوة يعول عليها في تحقيق الغاية من الخلق قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فكان في عدم إتقان الدعوة والخطأ فيها سبيل من سبل الصد عن دين الله وهو ذنب جسيم ، والمسلم في الدعوة إلى الله تعالى يقابل بيئات مختلفة ويتعامل مع أصناف شتى من الناس في ظل ظروف متباينة لذا كان المسلم في حاجة ماسة إلى المعرفة بسياسة الدعوة في دعوته الناس إلى دين ربهم العزيز الحميد، السياسة التي يكون هدفها العمل على تحقيق الغاية من الخلق بالطرق المناسبة لتحقيق الهدف في ظل مراعاة البيئات المتعددة وأصناف الناس والظروف المحيطة بالداعية والمدعو، وهذا هو الإصلاح الحقيقي الذي يعمد إلى تحقيق المقاصد الحميدة بأقصى قدر ممكن في ظل الأوضاع والظروف القائمة من غير أن تتدخل تلك الظروف أو الأوضاع فتحرف مسار المقاصد والأهداف،فإن السياسة الحقة هي عمل ما فيه الصلاح، ولذلك كانت دعوات الرسل جميعهم دعوة للإصلاح كما قال نبي الله شعيب عندما دعا قومه إلى توحيد الله وعبادته والالتزام بما شرعه لهم من الأحكام : ( إن أريد إلا الإصلاح ) فالإصلاح هو منهج الرسل وأتباع الرسل، بعكس الإفساد الذي هو منهج المنافقين ومعارضي رسل الله رغم تبجحهم بزعم الصلاح قال الله تعالى عن المنافقين : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون إلا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) ، ومن هنا فإن الله ينهى عن طاعة المسرفين أصحاب الفساد في الأرض فيقول : ( ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) والإصلاح أمر حسن جميل تدركه النفوس بما أودع الله في فطرتها من حب الجمال والحسن حتى إن الإنسان ليدركه قبل أن تصل إليه في ذلك شريعة قال الرجل الذي من قوم موسى عليه السلام قبل أن تأتي موسى الرسالة : ( إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين ) ولا أحد أحسن في سلوك طريق السياسة النافعة أو الإصلاح من رسل الله الذين أرسلهم لقيادة العالمين في طريق الهداية والخير وفي هذا المقال نستعرض بعضا من الملامح العامة لأساليب وطرائق السياسة الشرعية التي اتبعها الرسل في الدعوة إلى الله تعالى لتكون نبراسا للدعاة يقتفون أثرها وينهجون على منوالها، فمن ذلك:

1- مراعاة الظروف المحيطة وأحوال البيئة التي تتم فيها الدعوة، فينبغي على الداعية دراسة البيئة دراسة جيدة فيعرف عادات الناس وأخلاقهم ونقاط الضعف والقوة لديهم كما يعلم عقائدهم وعباداتهم وما يتعلق بهم حتى تكون خطواته الدعوية متناسقة مع تلك الأوضاع للحصول على أكبر قدر من النتائج الحسنة في الدعوة، وليس معنى ذلك الانحناء أمام هذه الظروف والأحوال وجعلها تعرض نفسها أو معطياتها على الدعوة بحيث تؤثر في مضمون الدعوة بالتغيير أو التمييع ، ولكن الداعية يتصرف مع مراعاة الظروف فلا هو يستسلم لهذه الظروف ولا هو يغالبها –إذا كانت أكبر من استطاعته – فتغلبه، ولنأخذ المثال التطبيقي على ذلك من سيرة الرسول  صلى الله عليه وسلم  ، فعندما أوحى الله إلى عبده ورسوله محمد  صلى الله عليه وسلم  كانت البيئة المحيطة كلها بيئة شركية ، فكانت مواجهتهم له في بادئ الأمر فيها نوع من المغالبة التي لا يستطيعها الإنسان بمفرده هذا من جانب ومن الجانب الآخر فقد يموت الداعية أو يقتل قبل أن يتمكن من كسب أحد من الناس ليقوم بمهام الدعوة من بعده، وهذا قد يؤدي في النهاية إلى إفشال المشروع الدعوي برمته كما أن الرضوخ لهذا الواقع والاستسلام لضغوطه بحيث تكون مهمة الدعوة إجراء بعض الترقيعات على الواقع والتي قد لا تؤثر كثيرا ، كان في هذا أيضا انحراف بالدعوة عن طريقها ، فماذا فعل الرسول  صلى الله عليه وسلم  إزاء ذلك الوضع ؟ لقد سلك الرسول  صلى الله عليه وسلم  طريقا وسطا بحيث يحافظ على نقاء الدعوة وتوصيل الحق كاملا غير منقوص في الوقت الذي لا يغالب فيه الواقع الذي هو فوق الطاقة المحدودة للفرد، فقد لجأ الرسول  صلى الله عليه وسلم  إلى الدعوة الفردية السرية، فبدأ بدعوة من يأنس فيهم الرشد ورجاحة العقل في إدراك الحق، فحافظ بذلك على نقاء الدعوة مع أمنه من مضايقات المشركين ومغالبتهم له في أول الأمر ، وليس في هذا تقصير من ناحية عدم تعميم الدعوة لأن هذا القدر كان هو الممكن وكان هذا من السياسة الحكيمة التي اتبعها الرسول في توصيل الدعوة وتبليغها وبعض الناس لا يفطنون لذلك فيريد أن يبلغ الشريعة كلها من غير نظر إلى ما حوله فيصطدم بما يعوقه عن تحقيق قصده وربما صرفه ذلك العجز عن الدعوة نهائيا وهو إنما أُتي من عدم علمه بالسياسة الشرعية في الدعوة وظنه أن كل ما هو معلوم لديه ينبغي قوله وإذاعته ولشيخ الإسلام رحمه الله تعالى كلام نفيس في ذلك عما ينبغي على العالم أن يقوم من البيان والتبليغ فيقول رحمه الله تعالى : (فالعالم في البيان والبلاغ كذلك ; قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن كما أخر الله سبحانه إنزال آيات وبيان أحكام إلى وقت تمكن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  تسليما إلى بيانها . يبين حقيقة الحال في هذا أن الله يقول : (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) والحجة على العباد إنما تقوم بشيئين : بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله والقدرة على العمل به . فأما العاجز عن العلم كالمجنون أو العاجز عن العمل فلا أمر عليه ولا نهي وإذا انقطع العلم ببعض الدين أو حصل العجز عن بعضه : كان ذلك في حق العاجز عن العلم أو العمل بقوله كمن انقطع عن العلم بجميع الدين أو عجز عن جميعه كالجنون مثلا وهذه أوقات الفترات فإذا حصل من يقوم بالدين من العلماء أو الأمراء أو مجموعهما كان بيانه لما جاء به الرسول شيئا فشيئا بمنزلة بيان الرسول  صلى الله عليه وسلم  لما بعث به شيئا فشيئا ومعلوم أن الرسول  صلى الله عليه وسلم  لا يبلغ إلا ما أمكن علمه والعمل به ولم تأت الشريعة جملة كما يقال : إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع . فكذلك المجدد لدينه والمحيي لسنته لا يبلغ إلا ما أمكن علمه والعمل به كما أن الداخل في الإسلام لا يمكن حين دخوله أن يلقن جميع شرائعه ويؤمر بها كلها . وكذلك التائب من الذنوب ; والمتعلم والمسترشد لا يمكن في أول الأمر أن يؤمر بجميع الدين ويذكر له جميع العلم فإنه لا يطيق ذلك وإذا لم يطقه لم يكن واجبا عليه في هذه الحال وإذا لم يكن واجبا لم يكن للعالم والأمير أن يوجبه جميعه ابتداء بل يعفو عن الأمر والنهي بما لا يمكن علمه وعمله إلى وقت الإمكان كما عفا الرسول عما عفا عنه إلى وقت بيانه ولا يكون ذلك من باب إقرار المحرمات وترك الأمر بالواجبات لأن الوجوب والتحريم مشروط بإمكان العلم والعمل وقد فرضنا انتفاء هذا الشرط . فتدبر هذا الأصل فإنه نافع . ومن هنا يتبين سقوط كثير من هذه الأشياء وإن كانت واجبة أو محرمة في الأصل لعدم إمكان البلاغ الذي تقوم به حجة الله في الوجوب أو التحريم فإن العجز مسقط للأمر والنهي وإن كان واجبا في الأصل والله أعلم . ومما يدخل في هذه الأمور الاجتهادية علما وعملا أن ما قاله العالم أو الأمير أو فعله باجتهاد أو تقليد فإذا لم ير العالم الآخر والأمير الآخر مثل رأي الأول فإنه لا يأمر به أو لا يأمر إلا بما يراه مصلحة ولا ينهى عنه إذ ليس له أن ينهى غيره عن اتباع اجتهاده ولا أن يوجب عليه اتباعه فهذه الأمور في حقه من الأعمال المعفوة لا يأمر بها ولا ينهى عنها بل هي بين الإباحة والعفو . وهذا باب واسع جدا فتدبره) .

لكن الدعوة السرية الفردية اللتي اتبعها الرسول  صلى الله عليه وسلم  في أول الأمر وإن كانت مهمة لمرحلة الابتداء أو شرطا في النجاح والاستمرار لكنها لا تصلح أن تكون منهجا عاما إلى آخر المدى؛ إذ لا يمكن لدعوة عالمية يرجى لها الذيوع والانتشار في مشارق الأرض ومغاربها أن تعتمد هذا الأسلوب فقط إلى النهاية فإن في هذا إضعاف شديد للدعوة بل وأد لها، لذلك فما أن استجاب لهذه الدعوة نفر من الصحابة الأجلاء وخرجت الدعوة عن حيز الانحصار في شخص واحد بحيث يؤمن من وأدها والقضاء عليها، وما أن وجد الرسول  صلى الله عليه وسلم  أعوانا على الدعوة حتى بادر إلى الأسلوب الآخر أسلوب الإعلان والبوح وإظهار الدعوة والجهر بها بين الناس ؛ إذ هذا الأسلوب هو الكفيل بنشر الدعوة وبلوغها للناس على نطاق واسع في زمن قليل جدا إذا قورن بزمن الأسلوب الأول، لكن ما أن جهر الرسول  صلى الله عليه وسلم  بالدعوة حتى عاداه المشركون وصدوا الناس عن دعوته ولم يكن هذا في الحقيقة نتيجة لأمر عارض كطريقة عرض الدعوة مثلا ولكن كانت هذا المعارضة نتيجة تناقض حقيقي بين دعوة الإسلام ودعوة الشرك فالإسلام قائم على عبادة الله وحده والعدل بين الناس، وأما الشرك فهو قائم على عبادة غير الله والعلو في الأرض بغير الحق، لكن الرسول  صلى الله عليه وسلم  بعدما اطمأن على الدعوة ظل سائرا في طريقه لم يثنه عن ذلك ما ظهر من معارضة المشركين لأن هذا المعارضة من طبيعة التناقض التام بين دعوة الحق ودعوة الباطل، وعلى الدعاة إلى الله تعالى على بصيرة أن يستفيدوا من هذه السياسة التي اتبعها الرسول  صلى الله عليه وسلم  في الدعوة إلى الله تعالى ، فعليهم أن يراعوا الظروف والأحوال في الدعوة مع الحذر من أمرين: أحدهما : التفريط في مضمون الدعوة أو عرضها ناقصة أو مبتورة أو خلطها بأمور مخالفة بزعم ترويجها أو التخلص من بعض القيود، وثانيهما: تعرض الدعوة للوأد أو القضاء عليها نتيجة للمغالبات التي تفوق طاقتهم، ومن البين أن الأسلوب أو الطريقة التي تتبع في ذلك قد تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى آخر اعتمادا على أوضاع بيئة الدعوة وظروفها وإمكانات الدعاة وقوتهم ولا شك أن هناك أساليب كثيرة يمكن أن تتحقق بها الدعوة مع تفادي المحذورين المذكورين، ومن هذه الأساليب الأسلوب الذي اتبعه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو من باب السياسة الشرعية وليس من قبيل التشريع الدائم الذي ينبغي على الدعاة اتباعه وسلوكه في جميع الظروف والأحوال.

2-مراعاة المصالح والمفاسد : الشريعة كلها مبناها على المصالح فما أمرت به فهو المصلحة الخالصة أو الراجحة وما نهت عنه فهو المفسدة الخالصة أو الراجحة، وإذا تعارضت المصالح والمفاسد في الأمر الواحد بحيث لا يخلو من أحدهما بل يجتمعان معا فإنه يقدم الأرجح منهما فما كانت مصلحته أرجح من المفسدة عمل به وعوِّل عليه وما كانت مفسدته أرجح من مصلحته ترك ولم يعول عليه، وقد بين الرسول  صلى الله عليه وسلم  هذه المراعاة في موقفه من أذى المشركين له ولأتباعه في مكة حينما جهر بدعوته فقد بدأ المشركون في الصد عن دعوة الرسول  صلى الله عليه وسلم  وتحذير القادمين إلى مكة منه وحرصهم على ألا يجلس إليه أحد، كما بدأوا في إيذاء المسلمين وإهانتهم وتعذيب الضعفاء منهم وقد كان في ذلك ظلم شديد للمسلمين والعربي نفسه أبية لا تحتمل الضيم ولا تقبله حتى قال قائلهم :

و لا يقيم على ضيم يسام به *** إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته *** وذا يشح فلا يرثى له أحد

فكيف إذا انضاف إلى ذلك الإسلام؟! ورد الظلم وإباء الضيم مصلحة ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) لكن كان في رد الظلم والانتصار للنفس في ذلك الظرف إلى جانب تلك المصلحة مفسدة كبيرة تربو عليها ، فكانت السياسة الشرعية في ذلك الوقت منع المسلمين من الرد على المجتمع الجاهلي والأمر بالصبر واحتمال الأذى؛ فإن أحدا لا يدري في تلك الظروف مع قلة المسلمين وضعفهم و قوة المجتمع الجاهلي ماذا يمكن أن تسفر عنه المواجهات بين المسلمين وعدوهم، فقد تتمخض عن معركة كبيرة يفنى فيها المسلمون أو أكثرهم ، أو قد تتدخل القبائل دفاعا عن أبنائها ( ولو كانوا مسلمين بدافع العصبية الجاهلية ) مما يمكن أن تنشأ عنه ما يعرف بالحرب الأهلية مما لا يوفر ظروفا مساعدة على الدعوة بل تتقوقع الدعوة في هذه الحالة وتنحصرأو غير ذلك من الاحتمالات التي تخسر فيها الدعوة كل ما حققته من مكاسب، فكان احتمال الضيم على ما فيه من إيلام وقسوته على النفوس الأبية أهون شرا وأقل ضررا من محاولة دفع الظلم، لكن هذه المراعاة للمصالح والمفاسد لا تتم مع الاستكانة والشعور بالمذلة أو التعرض للإبادة الكاملة، لكنها تكون مع الاستعلاء بالدين والشعور بالعزة ولذلك كان الرسول  صلى الله عليه وسلم  في هذه الأجواء وهو يأمر أصحابه بالصبر يبشرهم بالعز والنصر والتمكين ويقسم على ذلك ففي حديث خباب بن الأرت أنه قال: ( شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة قلنا له ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) وعلى ذلك فإن من السياسة الشرعية أن يراعي الدعاة والعاملون المصالح والمفاسد المترتبة على الأعمال والتصرفات فإن العمل لا يكفي فيه أن يكون ظاهره مشروعا إذا علم أنه يترتب عليه مفسدة أكبر من المصلحة التي يحققها ، وهذا يدخل في القاعدة الفقهية المعروفة بـ( سد الذرائع ) وهي أن العمل المشروع إذا كان ذريعة إلى مفسدة أكبر فإنه يمنع ، ومما ينبغي ملاحظته في هذا الباب أن المصالح والمفاسد المترتبة على بعض الأعمال لا تظل أبد الدهر هكذا ، فإن المصالح والمفاسد المترتبة على أوضاع تتغير بتغير تلك الأوضاع ، ولذلك فإن المسلمين بعدما انتشرت دعوتهم وقويت شوكتهم أذن لهم في القتال ثم أمروا به ولم يعد الرد على المشركين مفسدة ينبغي لأجلها تحمل الظلم والسكوت عن مواجهته ، ونظرا لاتساع رقعة بلاد المسلمين اليوم فإن المصالح والمفاسد المرتبطة بالأوضاع تختلف من مكان لآخر لاختلاف الأوضاع فما يكون مفسدة في مكان قد لا يكون مفسدة في مكان آخر وما يكون مصلحة في مكان قد لا يكون مصلحة قي مكان آخر ، والمصلحة والمفسدة إنما تقاس بمعيار الشرع وليس بمعيار المكسب والخسارة المادية فقط، فقد دل غلام الأخدود الملك الكافر على كيفية قتله وكان ذلك في ظاهره مفسدة لتمكين الكافر من التسلط على نفس مسلمة ولكنه كان بمقياس الشرع مصلحة راجحة لأن هذا التصرف كان سببا ووسيلة إلى إحياء نفوس كثيرة، وكذلك إذا نزل الكافر الباغي المعتدي بأرض المسلمين فإن التصدي له ومدافعته هو المصلحة وإن ترتب على ذلك مفسدة إهلاك للحرث والنسل لأن تركه وعدم مدافعته يؤدي إلى إهلاك الدين الذي هو مقدم على الحرث والنسل ثم هو بعد ذلك لن يحافظ على الحرث والنسل.

3- الحرص على هداية المدعوين أولا: الداعية له هدف عظيم وهو هداية الناس إلى دين الله وهذا هو ما يحرص عليه ويسعى في سبيل تحقيقه ويلتمس له الوسائل والطرق المناسبة رغبة في إخراج الناس من الظلمات إلى النور للفوز برضا خالقهم، وليس هم الداعية محصورا في إقامة الحجة على الناس وإن كان ذلك من مقتضيات دعوته، فعندما يكون هم الداعية إقامة الحجة وكفى فإنه لن يجتهد اجتهاد الحريص على هداية الناس وقد كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في دعوته حريصا جدا على هداية الناس وكان يبذل لهم كل ما يدعوهم إلى الاهتداء وكان يحزن حزنا شديدا على عدم استجابة الناس للدعوة حتى خاطبه ربه في ذلك وقال له : ( لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ) وقال: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) وقال : (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) باخع نفسك : أي مهلكها، فلم يكن هم الرسول  صلى الله عليه وسلم  محصورا في مجرد إقامة الحجة عليهم بل كان همه الأكبر هو في قيادهم إلى الإيمان وقد كان  صلى الله عليه وسلم  يسلك في ذلك كل طريق من شأنه أن يحقق مراده وهذه عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تخبرنا أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ( هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد قال لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا) وعلى ذلك فإن من السياسة الشرعية في الدعوة إلى الله تعالى أن تظهر من الداعية الرغبة الحقيقية والحرص على هداية الناس والتحسر على ما هم فيه من الضلال والبعد عن دين الله تعالى ولا موقفه منهم موقف المتشفي فيهم الذي وقف جهده وهمه في الإغلاظ عليهم ، وهذه السياسة الشرعية في الحرص على هداية الناس ليست قاصرة على شريعتنا بل هذا ما أوصى الله به موسى وأخاه هارون عندما أرسلهما لدعوة فرعون قال الله لهما : ( فقولا له قولا لينا لعله يذكر أو يخشى ) فالموقف موقف دعوة وترغيب في الهداية فكان المناسب لذلك هو القول اللين الذي من شأنه يقود إلى الاستجابة ، وأما الإغلاظ في القول والشدة في التصرف في هذه الحالة يكون مدعاة للنفور والاستكبار، وهذا نوح عليه السلام قال لقومه : ( اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ...) إلى أن يقول: ( ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا..) كل ذلك حرصاً منه ورغبة في هدايتهم، فالتماس الوسائل واتخاذ الطرق والأساليب المؤدية لذلك هو هم الدعاة الحقيقي وبعد هذا الجهد الكبير فهناك من يشرح الله صدره ويهديه، ولكن مع ذلك تبقى بقية ظالمة فاجرة متكبرة لم يرد الله هدايتها، فإذا وصلت فئة إلى هذا الحد وانقطع أمل الداعية في رجوعهم للحق فإن على الداعية أن يواجه الظالم الكفور بما يناسبه مع مراعاة ما تقدم ذكره من المصالح والمفاسد ، وليس من السياسة الشرعية تركه والحالة هذه يتمادي في غيه ويزيد من شططه إذا لم تكن هناك مصلحة ترتجى من وراء ذلك، وقد قال الله تعالى في قصة موسى عليه السلام مع فرعون لعنه الله : ( ولقد ءاتينا موسى تسع آيات بينات فسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا ) فرد عليه موسى عليه السلام وقال له :( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ) فبعد كل هذه الآيات البينات يلج فرعون في غيه ويرفض الإيمان ويتهم موسى بالسحر فما كان من موسى عليه السلام إلا أن واجهه بأنك تعلم يا فرعون علما يقينا أن هذا ليس بسحر وأن هذه آيات أنزلها رب السموات، ثم يتهدده بقوله : وإنك يا فرعون مثبورا أي هالكا ممقوتا ناقص العقل،فليس من السياسة الشرعية في الدعوة أن نقف أبد الدهر عند قوله تعالى:( فقولا له قولا لينا ) وليس من السياسة أيضا أن نبدأ الدعوة بـ( وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ) وإنما السياسة الحقة هي مقابلة كل موقف بما يناسبه ففي موقف الدعوة وقبل استحكام العناد يأتي قوله تعالى : (فقولا له قولا لينا ) وفي موقف الجهاد والجلاد يأتي قوله تعالى: ( وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ) وقوله تعالى: ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) وقوله : ( قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة ) ومن ذلك هذا الذي نزل فيه قوله تعالى : ( أولم يرى الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ) قال قتادة: (ذكر لنا أن أبي بن خلف أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففته ثم ذراه في الريح ثم قال يا محمد من يحيي هذا وهو رميم قال الله يحييه ثم يميته ثم يدخلك النار قال فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد) فقابله الرسول  صلى الله عليه وسلم  بهذه الشدة في الجواب فهذا الذي يناسب موقف المعاندين المتجبرين (يتبع)

4- عدم التقيد بالأرض أو الارتباط بالأوطان: فقد تضيق أرض الأوطان على رحابتها بالدعاة إلى الله بحيث يحاصرون من كل جهة فلا يتمكنون من الدعوة أو تبليغ الأمانة التي ائتمنهم الله تعالى على تبليغها لخلقه ، وقد لا يقف الأمر عند حدود المنع والتضييق بل يتعداه إلى أن يأتمر أهل الظلم والضلال بالدعاة ليقتلوهم أو يخرجوهم وينفوهم من ديارهم أو يحبسوهم رجاء فتنتهم وردهم إلى الجاهلية التي أنقذهم الله منها، وقد سجل القرآن الكريم هذه الأساليب كلها في محاربة المشركين لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  حيث يقول الله تعالى:" وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك..." الآية والإثبات هو الحبس والقيد والإخراج هو النفي والطرد والإبعاد، والقتل معروف وإذا لم تسمح لهم الأحوال باتباع تلك الأساليب لمنع الداعية من الدعوة إلى الله، أو لقوة الركن الذي يركن إليه من قبيلة أو عرف أو نظام، أو لعدم مواتاة الظروف لاتباع ذلك المنهج فإنهم يعمدون إلى فتنة الداعية بالإغراء كي يحولوه عن طريقته، وقد سجل أيضا القرءان الكريم هذا الأسلوب حيث يقول الله تعالى:" وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره..." الآية فماذا يفعل الداعية إزاء هذا الوضع الحرج ؟ هل يستسلم لذلك ويركن إلى بعض القواعد الفقهية و يتكئ عليها بغير ضوابطها الصحيحة كما يفعل ذلك بعض الناس الذين صعبت عليهم تكاليف الدعوة حتي يسوغ لنفسه مداهنتهم وترك مدافعتهم؟، إن للدعاة في رسول الله  صلى الله عليه وسلم  الأسوة الحسنة في كل شأنهم في العبادة والدعوة وفي السياسة وفي كل شيء ، لقد عانى الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم  أشد المعاناة من إيذاء المشركين له في مكة المكرمة حتى قاطعوه هو وعشيرته وحاصروهم في الشعب حتى لم يجدوا ما يأكلونه، وضيقوا عليه كل التضييق وحاصروه أشد المحاصرة حتى يحولوا بينه وبين لقاء الوفود ودعوتهم إلى الله فماذا فعل رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ؟ كان  صلى الله عليه وسلم  يسعى في مقابلة الحجيج وعمار بيت الله وزواره وكان يجتهد في المحافظة على سرية هذه اللقاءات حتى لا يسعى المشركون في إفسادها ، ولم يستسلم رسول الله  صلى الله عليه وسلم .لذلك بل حاول في اتجاه آخر وهو الخروج بالدعوة من الحصار الذي فرض عليها فقام برحلته المشهورة إلى الطائف على رجليه والتي تبعد عن مكة قرابة ثمانين كيلو متر كل ذلك في سبيل أن يكسر الطوق المضروب حول الدعوة وهو ما يعني أن المسلم لا يجوز له أن يتضعضع أمام الواقع ويستسلم له ولا يبحث عن مخارج أخرى بل عليه السعي والبحث وكلما لاح له بارق أمل فعليه أن يسلك السبيل إليه مهما كان في ذلك من مشقة، ولما بلغ الطغيان بالمشركين مبلغا عظيما يفوق قدرة بعض المسلمين أذن لهم رسول الله  صلى الله عليه وسلم  بالهجرة إلى الحبشة وبقي هو ومن يمكنه البقاء من المسلمين في مكة يواصلون مهمة الدعوة إلى الله إلى أن طفح الكيل بالكفار ولم يعودوا قادرين على تحمل بقاء الرسول  صلى الله عليه وسلم  بين أظهرهم عزموا على قتله ووضعوا الخطة لذلك وشرعوا في تنفيذها، عندها لم يعد البقاء في مكة والحالة هذه يرجى منه تحقيق نفع للدعوة وأصبح البقاء في هذه الحالة من قبيل الإلقاء باليد إلى التهلكة أو من قبيل تقديم حب الأوطان والديار على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله وكلا الأمرين ممنوع في دين الله فقد قال الله تعالى :" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" كما قال تعالى:" قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين" وهذا يبين لنا جانبا من سياسة الرسول  صلى الله عليه وسلم  في عدم التمسك بالأرض والتقيد بالوطن على حساب الدعوة، وإذا نظرنا نظرة إجمالية في ذلك فسنجد أن الرسول  صلى الله عليه وسلم  ظل يدعو في مكة ثلاث عشرة سنة ولم يترك مكة مع أول صدود أهلها أو مع تأخرهم وإبطائهم في الاستجابة ما يبين أن من السياسة الشرعية في الدعوة ألا يستعجل الداعية إيمان الناس واهتدائهم بل عليه أن يبذل وأن يقدم ما دام هناك تقبل واستجابة ولو كان ذلك بطيئا أو ضعيفا، فإن الداعية لو كان كلما استعصت عليه محلة تركها وذهب إلى غيرها لم يكد يستقر به المقام ولم يكد يحقق شيئا وسيظل ينتقل من مكان إلى مكان من غير فائدة أو جدوى؛ إذ غالبية الناس تظل فترة على المتابعة والتقليد لما وجدوا عليه آباءهم ولا يتحولون عن ذلك إلا بعد جهد جهيد ومتابعة ومثابرة من الدعاة، ولذلك فإن الرسول  صلى الله عليه وسلم  ظل مثابرا على المقام في مكة وهو يواصل الدعوة بكل ما أمكنه من سبيل ولم يخرج منها إلا مكرها كما بين ذلك بقوله عن مكة حرسها الباري :" والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت" ، ومن الأمور التي ينبغي التفطن لها أن تكوين الرجال في مثل تلك البيئة المخالفة للدعوة المشاقة لها رغم صعوبته ومشقته لكنه يأتي في الغالب الأعم بعظماء الرجال لأنه لا يصبر على تلك الأحوال أو لا يستجيب للدعوة في ذلك الحين إلا من رسخ الإيمان عنده حتى صار مثل الجبل في ثباته ورسوخه، ولك أن تقيس ذلك بما كان عليه إيمان المهاجرين الأولين وثباتهم في الدين، ويتبين هذا من أن النفاق لم يظهر فيمن استجاب للدين في مكة بعكس من استجاب للدين عند ظهوره وفشوه فقد ظهر فيهم النفاق لأنه في مثل هذه الحالة يدخله الصادق الذي يرجو الله والدار الآخرة كما يدخله المنافق الذي يطمع في الحصول على المميزات، وأما عند الشدائد فلا يدخل إلا الصادقون،وقد نجحت تلك السياسة التي اتبعها الرسول  صلى الله عليه وسلم  في الحفاظ على الدعوة وعلى الدعاة أما الدعاة فلم يحملهم ما لا يطيقون ولم يجعل ارتباطهم بالأرض والوطن مما يُحرص عليه وإن أضر بدينهم بل سمح لمن لا تسمح له أوضاعه القبلية بالحماية أو المنعة بالخروج إلى الهجرة أو الإسرار بالدين إلى حين الظهور والغلبة، وأما الحفاظ على الدعوة فبالمرابطة والتواجد وعدم إخلاء الساحة عند الشدة (ما لم تصل إلى حد القضاء على الدعاة وإفنائهم)، فالفئة التي لم تستطع تحمل الأذى خرجت إبقاء وحفاظا عليهم، والفئة القادرة على التحمل بقيت للقيام بالواجب، إلى أن وجد المسلمون أرضا تقلهم (المدينة) وجماعة تؤويهم وتحميهم (الأنصار) فانتقلوا إليها بكليتهم، فالأرض كلها لله والمسلم يبذر بذره في الأرض التي تقبلها حتى تؤتي أكلها :" والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا" فإذا ضيق على الدعاة في أوطانهم ولم يعد لهم إمكانية الدعوة لدين الله رغم توسلهم لذلك بمختلف السبل فإن أرض الله واسعة " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله" وبهذا يتبين أن الهجرة في سبيل الله عندما تسد السبل على الدعاة وكذلك البقاء والقيام بالدعوة عندما يكون هناك أمل أو احتمال في الاستجابة كلاهما يتكامل في بيان معنى من معاني الجهاد والاجتهاد في تحقيق مرضاة الله فليس المهاجر في سبيل الله الذي يترك وطنه ومسقط رأسه ليحافظ على دينه جنانا خوافا خرج فارا بنفسه تاركا ما وجب عليه من الدعوة إلى الله، وليس من بقي بين القوم يدعوهم إلى الله متهورا هجاما على الأمور لا يقدرها حق قدرها، غير أن ترك الأوطان والهجرة منها ليس قدرا محتوما في مسير الدعوات وأنه ينبغي على كل داعية أن يهاجر من بلده كما هاجر رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وغيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وإنما هي سياسة جزئية يُلجأ إليها عند الحاجة وإلا لو قدر أن أهل البلدة استجابوا للدعوة لم يكن هناك ما يسوغ الخروج، بل الخروج في هذه الحالة يعد تفريطا وتضييعا للدعوة وإماتة لها، فلو أن أهل مكة آمنوا بالرسول لمِّا دعاهم إلى الله من أول الأمر وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم  ليهاجر ويخرج من مكة يدل لذلك قوله  صلى الله عليه وسلم  الذي تقدم " ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت"

5- تقديم الأصول على الفروع: ومن السياسة في الدعوة إلى الله تقديم الأصول على الفروع إذ الفرع الذي لا أصل له مقطوع مبتوت وإن طال به الزمن، وتقديم ما يلزم وجوده لصحة الأقوال والأفعال على الأقوال والأفعال نفسها، وهذا يتبادر لكثير من الناس أنه أمر منطقي لا ينبغي الاختلاف حوله أو العمل بغيره، لكن عند التطبيق نجد هذا الأمر مهملا في كثير من الحالات وقد أشار إلى هذه السياسة وصية الرسول  صلى الله عليه وسلم  لمعاذ  رضي الله عنه  عندما أرسله إلى اليمن داعيا فقال له:" إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وترد على فقرائهم فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس" وفي رواية أخرى للبخاري ومسلم " فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم ..."الحديث ففيه تقديم عبادة الله وتوحيده والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم  على الصلاة والزكاة وسائر فروض الإسلام إذ لا يصح شيء من أداء هذه الفرائض إلا بعد الإيمان، ومن هنا قدم الرسول  صلى الله عليه وسلم  في تعليمه لمعاذ في كيفية الدعوة أن يدعو أولا إلى الأصل الذي تتوقف عليه صحة الأشياء قبل الأشياء نفسها ، إذ لا فائدة منها إذا لم تعتمد على الأصل الذي يصححها ، وفي هذا السياق تقول عائشة رضي الله عنها زوج النبي  صلى الله عليه وسلم  عن القرآن :" إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب "بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر" وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده" قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث قَوْله : ( نَزَلَ الْحَلال وَالْحَرَام ) أَشَارَتْ إِلَى الْحِكْمَة الْإِلَهِيَّة فِي تَرْتِيب التَّنْزِيل , وَأَنَّ أَوَّل مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآن الدُّعَاء إِلَى التَّوْحِيد , وَالتَّبْشِير لِلْمُؤْمِنِ وَالْمُطِيع بِالْجَنَّةِ وَلِلْكَافِرِ وَالْعَاصِي بِالنَّارِ , فَلَمَّا اِطْمَأَنَّتْ النُّفُوس عَلَى ذَلِكَ أُنْزِلَتْ الْأَحْكَام , وَلِهَذَا قَالَتْ " وَلَوْ نَزَلَ أَوَّل شَيْء لَا تَشْرَبُوا الْخَمْر لَقَالُوا لَا نَدَعهَا " وَذَلِكَ لِمَا طُبِعَتْ عَلَيْهِ النُّفُوس مِنْ النَّفْرَة عَنْ تَرْك الْمَأْلُوف" اهـ فالالتزام بما جاء في الشرع عن الحلال والحرام والواجبات وغيرها يحتاج إلى قاعدة الإيمان لذلك تأخر تشريع ذلك حتى استمكن الإيمان في القلوب، وهذه السياسة مما ينبغي علي الدعاة مراعاتها في الدعوة إلى الله فإنسان مثلا يدعو غير الله ويستغيث به وهو في الوقت نفسه واقع في بعض البدع فوجه همتك إلى نهيه عن الشرك واستغرق وقتك حتى يقلع عنه أو يتوب ولا تصرف جهدك إلى نهيه عن البدع مع إقامته على الشرك، إذ ما الفائدة من تركه للبدعة وهو مقيم على الشرك؟ وإنسان تارك لبعض الواجبات لا تشغل نفسك بالحديث معه في بعض السنن بل وجه همتك إلى الواجبات التي تركها فإنه لو أطاعك واستمع لنصحك كنت بذلك قد رحمته وسعيت في الخير له،وإذا تزاحم عليك أمران بحيث لم تتمكن من الجمع بين الأمرين فقدم الدعوة إلى ما يعد أصلا ولا تشغل نفسك بالفرع، وإذا كان الأمران مما يعدا من الأصول فقدم أعلاهما منزلة، وإذا كانا في المنزلة سواء أو قريبا من السواء فقدم ما لا يحتمل التأخير ويضيع بخروج الوقت عما لا يضيع بالوقت أو كان وقته موسعا، وإذا كانا في ضيق الوقت وسعته سواء فقدم المتفق على حكمه بين أهل العلم عما اختلفوا فيه، وهذا رسولنا  صلى الله عليه وسلم  كان يخطب المسلمين وبينما هو على تلك الحالة إذ جاءه رجل فقال:"يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه قال فأقبل عليَّ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وترك خطبته حتى انتهى إلي فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديدا قال فقعد عليه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته فأتم آخرها" فلما أخبر الرجل بأنه لا يدري ما دينه كان أولى ما يشتغل به الرسول  صلى الله عليه وسلم  هو تعليم الرجل دينه ولذلك ترك الخطبة وأقبل عليه يعلمه ولم يؤخر ذلك حتى ينتهي من الخطبة، قال النووي في شرح الحديث:" وَفِيهِ الْمُبَادَرَة إِلَى جَوَاب الْمُسْتَفْتِي وَتَقْدِيم أَهَمّ الْأُمُور فَأَهَمّهَا , وَلَعَلَّهُ كَانَ سَأَلَ عَنْ الْإِيمَان وَقَوَاعِده الْمُهِمَّة . وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ يَسْأَل عَنْ الْإِيمَان وَكَيْفِيَّة الدُّخُول فِي الْإِسْلَام وَجَبَ إِجَابَته وَتَعْلِيمه عَلَى الْفَوْر"اهـ. وهكذا لا بد من مثل هذه الموازنات عندما لا يمكن تحقيق الجميع مرة واحدة، ولا يعني تأخير الحديث عن شيء أو السكوت عنه إباحة له، وإنما لأن هذا هو المتاح أو المقدور عليه أو الذي يقود إلى ما بعده، وقد يظن بعض الناس أن من الحكمة أو الحنكة أو السياسة وحسن التصرف واللباقة موافقة القوم على بعض ما عندهم من الباطل وعدم مواجهتهم بما يكرهون لإزالة الوحشة ولجعل الناس تقبل على الدعوة وتقبل ما فيها ثم يقولون : وبعد أن يرسخ الإيمان في قلوبهم يمكن نهيهم عما سبق موافقتهم عليه من الأخطاء، وهذا يعد من السياسة بمقتضى النظر العقلي الذي يتعارض مع النصوص الشرعية ثم إنه قد يؤدي في النهاية وبمرور الزمن إلى ترسيخ تلك الأخطاء وقد لا يجد الدعاة الفرصة المناسبة بعد ذلك لتصحيح تلك الأخطاء فتظل عالقة بدعوتهم عند الناس، وهنا لا بد من التفريق بين السكوت عن النهي عن الشيء أو السكوت عن الأمر به وبين الموافقة عليه وإقراره فإن السكوت مما يمكن تحمله إذا لم تكن ظروف الدعوة تسمح بالجهر، أما الإقرار والموافقة على الباطل أو الخطأ فليس هناك ما يسوغه من أدلة الشريعة، بل الأدلة كلها على خلاف ذلك

6-العناية بالأسباب مع عدم الاعتماد عليها: الداعية إلى الله يقوم بتلك المهمة انطلاقا من التزامه بما شرع الله وحبا لهداية الناس إلى الخير فتدفعه شفقته ورحمته إلى بذل الجهد في ذلك لكنه مع ذلك قد تعترضه بعض العوائق التي تحول بينه وبين مراده أو قد تضعف من همته في متابعة ذلك ، وقد تكون بعض هذه العوائق مما يمكن التغلب عليها أو التقليل من تأثيرها عن طريق اتخاذ بعض السبل والوسائل التي تعين على ذلك، لكن هناك من الناس من يظن أنه ما دام يدعو إلى الله ابتغاء وجهه فإنه لا يحتاج إلى الأسباب وأن الله ناصر دعوته، وكأن هذا الشخص يرى أنه يجب على الله تعالى نصره بمجرد الدعوة إليه ولو مع ترك الأسباب، وهذا تصور غير صحيح ومما يبين عدم صحة إهمال الأسباب سياسة الرسول في الدعوة إلى الله تعالى فمن ذلك كانت دعوة الرسول  صلى الله عليه وسلم  في أولها سرية فقد ظل يدعو إلى الله في سرية ثلاث سنوات(ما يقابل 13% من سني الدعوة) حتى لا يعرضها في أول أمرها إلى مواجهات حادة مع المشركين لا يستطيع تحملها كثير من الناس وفي ذلك أخذ بالأسباب وعدم إهمالها، وعندما كان يطوف على الناس في المواسم ويطلب النصرة ويقول:" من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي" فكان يبحث عن الناصر وهذا من الأخذ بالأسباب ولم يقل إني أدعو إلى ربي على بصيرة ولا عليَّ إذ لم آخذ بالأسباب أو أبحث عن النصير، إن ترك تحصيل الأسباب المقدور عليها التي خلقها الله تعالى يعد تقصيرا يلام عليه العبد بحسب ما عنده من التقصير وعند النظر في سيرة الرسول  صلى الله عليه وسلم  منذ بداية الدعوة وحتى وفاته  صلى الله عليه وسلم  نجد أن العناية بالأسباب والأخذ بها وعدم التفريط فيها كان ديدنا له  صلى الله عليه وسلم  فعندما جاءه الأنصار يبايعونه عند العقبة أخذ عليهم" وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم " ومن ذلك أيضا عندما عزم على الهجرة مع أبي بكر رضي الله عنه استأجر دليلا خريتا ( ماهرا عارفا بالطرق) يقود بهم ويدلهم على الطرق التي يستطيعون بها الخروج من غير أن يلحق بهم المشركون، والأمثلة على ذلك كثيرة، لكن العناية بالأسباب والأخذ بها لا يعني التوكل عليها أو الاعتماد فإن التوكل والاعتماد إنما يكون على خالق الأسباب الذي جعل الأسباب أسبابا وهو سبحانه قادر على أن يمنع الأسباب من أن تنتج نتائجها إذا شاء ذلك، وفي قصة الهجرة المتقدمة فمع الأسباب التي أخذ بها الرسول  صلى الله عليه وسلم  إلا أن الكفار من تتبعهم للأثر ومن متابعة الرصد أوشكوا على التوصل إلى مكان الرسول وصاحبه وهنا يظهر عون الله خالق الأسباب ومسبباتها ودفاعه عن المؤمنين ويمنع الكفار من التوصل إلى الرسول الكريم وصاحبه رضي الله عنه ( وتفصيل القصة معروف)، وكما في قصة إبراهيم عليه السلام عندما أراد قومه أن يحرقوه فأبطل الله السبب ومنع النار من الإحراق( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) وهذا موسى عليه السلام عندما أراد فرعون وجنوده أن يقتلوه هو ومن آمن معه، ولما لم تكن به قدرة على مواجهته أخذ بالأسباب المقدورة له وهي الخروج بمن آمن معه من مملكة فرعون، ولما اتبعه فرعون وجنوده ولم تعد لموسى عليه السلام حيله في ذلك ألغى الله الأسباب وجعله يعبر هو ومن آمن معه البحر بالآية التي جعلها له (اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) فالأخذ بالأسباب كان معلما بارزا من سياسة الرسول في الدعوة إلى الله تعالى ومع الأخذ بالأسباب وإحكامها وعدم التقصير فيها فلا بد من التوكل على الله والاعتماد عليه والاستعانة به واللجوء إليه فإن الأسباب لا تفعل من تلقاء نفسها وإنما بجعل الله لها تلك الخاصية، وهذا رسولنا الكريم في غزوة بدر بعدما أعد العدة ونظم الجيش لجأ إلى الله يدعوه ويكثر من الدعاء حتى أشفق عليه صاحبه أبو بكر من كثرة دعائه، وهذا عمر رضي الله عنه يقص علينا ما كان من خبر ذلك الموقف فيقول :" لما كان يوم بدر نظر رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله  صلى الله عليه وسلم  القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آت ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك.." الحديث فإعداد العدة وأخذ الأهبة والتوسل بالأسباب لا يمنع من الدعاء واللجوء إلى الله مسبب الأسباب، وكذلك اللجوء إلى الله ودعاؤه واعتقاد أن النصر من عنده وأنه الخالق لكل شيء وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا يمنع من الاجتهاد في الأخذ بالأسباب وإعداد العدد المناسبة لكل أمر يراد الدخول فيه، بل هما أمران يتكاملان في فهم المسلم وتصوره.

7- الاستفادة من أوضاع المجتمع: قد يحدث أن تكون هناك أوضاع في المجتمع تمكن الاستفادة منها في نفع الدعوة وحماية الدعاة فلا يجوز للدعاة إهمال ذلك وعدم الانتفاع على أساس أن تلك أوضاع في مجتمع جاهلي أو معادي للإسلام فلا ينبغي العمل بها أو الاستفادة منها، وذلك لأن النظر ينصب على طبيعة الوضع ومدى موافقته للشرع ولا ينظر إليه من جهته الجغرافية أي البقعة التي يكون فيها؛ إذ الحكم على الشيء يعتمد على ما يحمله من أفكار وتصورات وليس على المكان الذي يوجد فيه ، وبالنظر إلى سياسة الرسول  صلى الله عليه وسلم  في ذلك نجده قد استفاد هو وجمع من أصحابه من تلك الأوضاع فقد كانت مكة المكرمة –بل والجزيرة العربية كلها- ينتشر فيها النظام القبلي وفي هذا النظام فإن القبيلة تحمي أفرادها فقد تمتع رسول الله وبعض من أصحابه بذلك وظلوا في حماية قبائلهم فلم يتمكن المشركون من الوصول إليهم وإيذائهم الإيذاء الشديد، وكان من الأمور المتعارف عليها مسألة الجوار وهو أن من نزل في جوار أحد فإنه يحميه من أن يصل إليه أحد بسوء فكان بعض المسلمين الذين لا يجدون قبيلة تحميهم ينزلون في جوار بعض كبراء المشركين فيحمونهم وليس في هذا مخالفة شرعية إذ كل ما فيه أن يتمتع المسلم بالحماية وشعوره بالأمان في التزامه بالإسلام وهذا حقه، وكونه نزل في جوار أحد المشركين فليس في ذلك ما يعاب عليه لأنه لم يفعل ما يخالف الشرع فعندما ذهب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إلى الطائف يدعو أهلها وردوا عليه بردهم القبيح لم يدخل مكة حينما رجع من هناك إلا في جوار المطعم بن عدي، وكذلك عثمان بن مظعون عندما رجع من هجرة الحبشة الأولى لم يدخل مكة إلا في جوار الوليد بن المغيرة، وأبو بكر رضي الله عنه لما أراد الهجرة إلى الحبشة مما يلاقي من إيذاء قريش لقيه ابن الدغنة وعرف مقصده فعرض عليه الرجوع ودخل معه مكة وقد أجاره، فإذا كان الداعية إلى الله تعالى مضيق عليه وكان في المجتمع الذي يدعو فيه أوضاع أو تنظيمات يمكن الاستفادة منها في الدعوة أو تدفع عنه شرا من غير أن يرتكب في سبيل ذلك شيئا نهت عنه الشريعة فعليه أن يستفيد من ذلك، ورغم أن الأوضاع الجاهلية الأصل فيها البعد عن الشريعة فلا يلزم من ذلك أن يكون رصيد الفطرة عندهم صفرا بحيث لا يكون في أمورهم ما يُقبل شرعا، وهذه قريش رغم ظلمها وطغيانها مع المسلمين إلا أنهم عقدوا فيما بينهم عقدا لنصرة المظلوم( وكان ذلك قبل البعثة) وهو ما عرف بحلف الفضول قال عنه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  " لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو ادعى به في الإسلام لأجبت " وقد تتواجد اليوم في بعض المجتمعات بعض التنظيمات أو المؤسسات التي تحاول القيام بشيء شبيه بما كان في حلف الفضول فلا عيب على الداعية إذا حاول الاستفادة من ذلك، أما إذا ترتب على ذلك مساس بالدين فعلى الداعية أن يكون أبعد شيء من ذلك، ففي قصة أبي بكر المتقدمة لما جهر بالصلاة وقراءة القرآن في مسجد فنائه وخيره ابن الدغنة بين عدم الجهر والاستعلان بالصلاة وبين أن يرد عليه جواره، اختار أبو بكر رضي الله عنه الاستعلان بالصلاة والجهر بقراءة القرآن ورد على ابن الدغنة جواره وقال :" أرضى بجوار الله"

8- عدم المداهنة في الحق: كثيرا ما يتعرض أصحاب الدعوات إلى محن وشدائد حتى يخيل لبعض الناس أن من السياسة الحكيمة تجاوز تلك المحن أو الشدائد ولو بالتصريح ببعض الكلمات والجمل التي يكون في ظاهرها مخرج من تلك الشدائد وإن لم يكن ذلك الظاهر مرادا لهم، لكن الناظر في سياسة الرسول  صلى الله عليه وسلم  في الدعوة إلى الله تعالى لا يجد لذلك التصور سندا بل يجد سياسته على العكس من ذلك فقد نزل عليه قول الله تعالى يحذره من المداهنة في الدين ويقول له :" ودوا لو تدهن فيدهنون " فأهل العدواة للدين يريدون من أصحاب الدعوة أن يداهنوهم وهم على استعداد لمكافأتهم على ذلك بمداهنة الدعاة أيضا من باب المقابلة بالمثل فقد عرض الكفار على رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أن يعبدوا الله سنة في مقابل أن يعبد آلهتهم سنة فأنزل الله تعالى :" قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون .." الآيات ليقطع الطريق على ذلك التصور بصورة حاسمة، وقد فهم تلك المعني جيدا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وعمل به في أشد المواقف حلكة فقد هاجر هو وجماعة من المسلمين إلى الحبشة عند ملكها النجاشي وكان نصرانيا وقد أرسلت قريش في أثرهم عمرو بن العاص ليردهم من عند النجاشي وحاول عمرو أن يقدم المسوغ الذي يجعل النجاشي يسلم له جعفرا ومن معه فقال له: أنهم يقولون في عيسى قولا عظيما وذلك أن النصارى ترى عيسى عليه السلام إلها أو ابن إله بينما المسيح في العقيدة الإسلامية هو بشر رسول من عند الله تعالى مثله مثل إخوانه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فلما مثل جعفر بين يدي النجاشي وسألهم عما يقولون في عيسى عليه السلام لم يداهن ولم يحاول أن يتلفظ بألفاظ أو كلمات توافق في ظاهرها اعتقاد النصارى بل أجمع على الصدق وعدم المداهنة في الدين وقال نقول فيه الذي جاءنا به نبينا هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم البتول العذراء فأخذ النجاشي عودا من الأرض وقال والله ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، ولو حاول جعفر رضي الله عنه أن يداهن لانقلب الأمر عليه وعلى أصحابه ذلك أن اعتقاد النجاشي في عيسى كان اعتقادا صحيحا، فعند الشدائد والأهوال قد يميل الداعية إلى المداهنة ويتلفظ بألفاظ فيها نوع من الترضية لأهل الضلال وإن كان هو يقصد بها في نفسه معاني صحيحة لكن ليست العبرة بما في نفسه هو وإنما بما يفهم الناس من كلامه فلو كان الناس لا يفهمون من ذلك إلا ما يؤيد أهل الضلالة لم تكن تورية الداعية قد حققت إلا تأييد الباطل، وهذا بخلاف ما إذا كان يوري على الأعداء في الحرب أو القتال كما فعل محمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه عندما كان يخطط لقتل رجل من اليهود المحاربين وقال له عن رسول الله –وهو يوري- هذا الرجل قد عنانا، وبخلاف ما يقوله الأسير عندما يقع في أيدي الأعداء وكذلك الذي يكره على كلمة الكفر فإن هذا ونحوه ممن قال الله فيهم :" إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" غير أن هناك من الأمور التي قد يظنها الناس مداهنة وهي ليست من ذلك في شيء وإنما هي كلمات حقيقية لا كذب فيها يقولها الداعية يستميل بها النفوس ويؤلف بها القلوب فهذا جعفر رضي الله تعالى عنه يقول للنجاشي بعد ما ذكر ما كانوا يلاقونه من المشركين في مكة :" فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك"

تلك كانت بعض الوقفات القصيرة مع سياسة الرسول  صلى الله عليه وسلم  في الدعوة إلى الله أما تفاصيل تلك السياسة فهي السيرة النبوية بكاملها على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ولعلنا نرجع إليها في مناسبة أخرى على نحو أشمل وأكثر تفصيلا

الدعوة بالمراسلة

عبدالرحمن الريس


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى صحبه أجمعين.. وبعد:

"كم أنا في شوق إلى رسائلكم، وأنتظرها بفارغ الصبر، حيث علمتني أشياء كنت أجهلها"
"لم أعلم أهمية التوحيد وعظم تعلمه إلا بعد قراءتي لكتبكم وسماعي لأشرطتكم"
" لقد كنت في بدع وجهل، وتعلمت منكم أشياء ما كنت أعرفها من قبل _جزاكم الله خيراً_"
"عندنا فقر وجهل بالعقيدة الصحيحة، فأمدونا بالعلم والاستفادة يا أهل الحرمين"

أخي الحبيب:
إن ما قرأته في السطور السابقة نماذج من مضمون كثير من الرسائل التي وصلتنا من إخواننا المسلمين خارج هذا البلد الطيب، حيث يتضح من خلالها تعطش الناس إلى معرفة الدين الصحيح بعد أن ألصق به أعداؤه والجهلة من المنتسبين إليه ما ليس منه، حيث نشروا البدع والمنكرات والمفاهيم الخاطئة.

وإيماناً منا بأهمية الدعوة إلى الله في تصحيح تلك الانحرافات الخطيرة عن منهج الله نشأت فكرة الدعوة بالمراسلة بالكتاب والشريط الإسلامي، وقد روعي في هذا المشروع التركيز على تصحيح العقيدة الإسلامية ووضع منهج مدروس يتدرج من خلاله بالشخص المدعو "المراسَل" مرحلة بعد مرحله ليصبح بعد توفيق الله داعياً مؤهلاً لتصحيح ما في مجتمعة من انحرافات عقدية ومناهج خاطئة، وقد رأينا أن نرفق مع كل "رد" مرسل رسالة أخوية تتضمن ذكر الدافع لإرسال هذه الكتيبات والحث على العمل بها والدعوة إلى ما فيها.

أهداف اللجنة:
1. تصحيح العقيدة من الشرك وتصحيح العبادات.
2. محاربة المنكرات والمفاهيم الخاطئة.
3. ربط المسلم بسيرة الرسول وصحابته الكرام للاقتداء بهم.
4. الوعي بالمذاهب والطرق الهدامة.
5. تنمية الجوانب التربوية اللازمة لتهيئة الداعية.
6. إقامة الحجة وإبراء الذمة أمام الله في تبليغ الدعوة.
7. خدمة العقيدة الإسلامية بتوضيح الرؤية العقائدية الصحيحة.
8. حث المراسلين على الدعوة إلى الله بالمنهج الصحيح.
9. الاهتمام بالمرأة المسلمة توجيهياً وتربوياً.
10. الرغبة في إيجاد دعاة في كل بلد وقطر.
11. التصدي للغزو الفكري والمذاهب.

طريقة المراسلة:
1. نستقبل رسائل الإخوة والأخوات من شتى أقطار العالم بعد أن حصلوا على عنواننا من بعض المجلات الإسلامية، وبما ينشره من استقبل رسائلنا من المدعوين في مناطقهم.
2. نرسل لهم كتباً وأشرطة على مجموعات متفرقة بعد ردهم على رسائلنا.
3. يتخلل الكتب والأشرطة بعض الأسئلة، ويطلب منهم الإجابة عليها ثم إرجاعها إليهم مصححة.
4. نستقبل أسئلة الفتاوى وغيرها ونحيلها لبعض العلماء ليجيبوا عليها ثم نرسلها لأصحابها.
5. تصوير أركان التعارف من بعض المجلات الهابطة ومراسلة أصحابها لنصحهم ودعوتهم.
6. طلبنا من بعض المراسلين نشر عنواننا في بلادهم مع تزويدنا بعناوين من يرى عليهم انحراف في العقيدة وغيرها لمراسلته ودعوته.

برنامج المراسلات:


الكتب التي تحتاجها اللجنة بشكل دائم:

الكتب العربية:
1. (كتاب التوحيد) د.صالح بن فوزان الفوزان.
2. (تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام) سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز.
3. مخالفات في التوحيد ( الشيخ: عبد العزيز الريس )
4. (العقيدة الصحيحة وما يضادها ونواقض الإسلام) الشيخ: عبد العزيز بن باز.
5. (أحياء يستغيثون بأموات) شيخ الإسلام ابن تيمية.
6. (الأصول الثلاثة وأدلتها، شروط الصلاة، القواعد الأربع) الإمام: محمد بن عبد الوهاب.
7. (ظاهرة ضعف الإيمان) الشيخ: محمد المنجد.
8. (فتاوى مهمة لعموم الأمة) سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز.
9. (محرمات استهان بها الناس) الشيخ: محمد المنجد.
10. (تسعون فتوى في أحكام الحيض والنفاس) الشيخ: محمد العثيمين.

الكتب المترجمة:
1. (عقيدة المسلم) فضيلة الشيخ: محمد العثيمين
2. (الدروس المهمة لعامة الأمة) سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز.
3. (الأصول الثلاثة) الإمام المجدد: محمد بن عبد الوهاب.
4. (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة) الشيخ: سعيد بن علي القحطاني.

قالوا عن المشروع:
يقول الشيخ عمر بن سعود العيد: "..هذا المشروع من وسائل الدعوة إلى الله النافعة؛ فكم اهتدى بسببه من عاص ومنحرف، وكم استفاد منه من طالب علم وعالم، وبهذه المناسبة أحث إخواني من القائمين على الجمعيات الخيرية، وكذا الشباب على الاستفادة من خبرات هذا المشروع لينتشر الخير ويعم في الناس، كما وأحث المحسنين على التبرع لهم بالمال والكتب والأشرطة لعلها أن تصل إلى مستفيد وطالب علم، فإن ذلك من الصدقات الجارية".

يقول الشيخ عبد العزيز بن محمد الوهيبي: "...وهم أهل للإعانة المعنوية والمادية لعظم ما يقومون به من الدعوة إلى الله _تعالى_ لا سيما أنهم يحتاجون إلى مبالغ من أجل شراء الكتب وطباعتها.. "

يقول الشيخ عبد العزيز بن محمد بن علي آلعبداللطيف:"..إن المشروع حقق – بفضل الله تعالى – مكاسب كبيرة في باب الإصلاح والدعوة إلى الله _تعالى_، ويقوم على هذا المشروع نخبة من الإخوة الأفاضل الثقات ممن لهم عناية بالعلم الشرعي والدعوة إلى الله _تعالى_.."

نماذج من بعض الرسائل:
هذه مراسلة من دوله السودان تقول: "هل تعلمون أن جميع أفراد أسرتي كانوا يتوسلون بأصحاب القبور، وأن زوجي لا يصلي، ولكن _و لله الحمد_ هدانا الله بفضله أولاً – ثم بما أرسلتموه لنا من هذا النور الذي أضاء لنا قلوبنا قبل طريقنا، راجين منكم دوام التواصل معنا ".

وهذا آخر يصف الرسائل التي أستلمها بأنها "نور يقودنا من ظلمات الجاهلية التي كنا نعيش فيها، وخاصة ظلمات تعظيم الأموات والغائبين، فكم أسمع ممن يعيش حولي وهم يرفعون أصواتهم بالنداء للأموات والغائبين، وقد كنت – وللأسف – واحداً منهم، ولكن هذه الكتيبات قادتنا إلى نور التوحيد والعقيدة الصافية.

وينقل أحد مراسلينا في دولة تنزانيا البشرى لنا، فيقول: "يسرني إفادتكم أنه في أوائل صفر من هذا العام 1424 ﻫ دخل إلى الإسلام على يدي رجلان، كل واحد منهم أبوه راهب بأكبر كنيسة عندنا، وهم الآن يجتهدان في تعلم العلم الشرعي نظراً لما ضيعاه من الوقت في الكنيسة فنأمل التواصل معهم".

ويذكر أحدهم من دوله غانا موقفاً مؤثراً فيه دلالة كبيرة على الأهمية الكبرى التي تحظى بها بلاد الحرمين – حرسها الله – فيقول " اطلعت على الكتيبات التي أرسلتموها لنا فعلمت أن ما يدعو إليه مديرنا هو الحق، وأن ما يدعونا إليه شيوخنا هو الباطل، حيث إنهم يجمعون الرجال والنساء في المقابر ويطوفون عليها ويبكون عندها، فنهاهم مدير المدرسة فلم ينتهوا، - يقول المراسل قبل هدايته-: ونحن نقول في أنفسنا يحب الفتنة في البلاد!! فلما وصلتنا الرسائل منكم أطلع عليها مديرنا وأخذ منها كتاباً في أحكام زيارة المقابر ثم جمع الناس، وقال لهم: هل تؤمنون بأهل السعودية بأنهم على الحق؟! قالوا: نعم، فقرأ لهم الكتاب وفسره لهم بلغتهم فآمن كثير منهم _ولله الحمد_".

و تقول إحدى المراسلات من بعض الدول العربية: "إن قولكم بأن احتفالات المولد النبوي من البدع المخالفة للتوحيد هي معلومة أتلقاها لأول مرة، حيث يتم التحضير لهذا الاحتفال قبل الموعد بعدة أيام، ناهيك عن احتفال رأس السنة ونحوها، وتتساءل: إلى أين نحن سائرون؟".

و يذكر مراسل آخر من دوله غانا " أن كتاب (تحفة الإخوان) للشيخ ابن باز _رحمه الله تعالى_ قد استفدت منه استفادة كبيرة، ذلك أن الرسالة وصلتني قبل شهر ذي الحجة من عام 1423ﻫ، ولذا انتهزت الفرصة لأوضح الكثير من أحكام الحج لمن عزموا على الحج من أهالي بلدتنا...ثم يواصل: إن أهالي إحدى القرى المجاورة لقريتنا تركوا الصلاة في الجماعة بسبب فتنة وقعت بينهم وبين الإمام فطلبت منهم أن يجتمعوا في بيت أحدهم بعد صلاة الصبح ثم قرأت عليهم رسالة ( وجوب أداء الصلاة في جماعة ) للشيخ ابن باز _رحمه الله_، حتى بلغت قوله: ولأن التخلف عن أدائها في الجماعة من أعظم أسباب تركها بالكلية، فقالوا:لا والله، سمعنا وأطعنا،سنرجع إلى المسجد،يقول المراسل: فرأيتهم جميعاً في صلاة الظهر من نفس اليوم – والله الحمد –".

ويذكر أخ لنا من نيجيريا "أن مسألة الصلاة في مسجد فيه قبر كانت مسألة خلافية لدينا في المدينة، ثم استطعت _بعون الله_ ثم برسائلكم أن أحل هذه المشكلة لأهالي البلدة".

ويصف أحد المراسلين في دولة عربية كتاب الشيخ ابن باز (فتاوى مهمة لعموم الأمة) بأنه "أحدث زلزالاً في رأسي وتفكيري، حيث التناقض المخيف بينما ذكره الشيخ من تحريم الاحتفال بالمولد وليلة النصف من شعبان وليلة السابع والعشرين من رجب، وأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ لم يفعل شيئاً من ذلك بينما نرى مشايخنا هنا يقيمون الاحتفالات والسرادقات لهذه المناسبات، بل ونحتفل بها احتفالاً رسمياً..ثم يستطرد بقوله: فماذا نفعل – نحن شباب المسلمين – وقد صرنا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء؟! فمن نتبع ومن نخالف؟!"

ويحذر أحد المراسلين من دولة تنزانيا فيقول: "أخبركم أن الشيعة الضُلاّل لهم جهود تتسع في المنطقة يوماً بعد يوم ولهم مساجد ومدارس وغير ذلك حتى في القرى، ولهم عادة في رمضان حتى يغلقون مدارسهم ويبعثون طلابهم إلى القرى لنشر ضلالهم؛ لأن قلوب المسلمين مفتوحة وقابلة للإرشاد..وقد بعث إلينا المراسل صوراً لبعض مساجدهم ومراكزهم بالمنطقة – والله المستعان–".

ويوضح أحد مراسلينا من السودان في رسالته " أن في منطقة غرب هرر يوجد أكثر من 220 كنيسة يوزعون على المسلمين في كل شهر الطعام والثياب والقمح والشعير والصابون، كما يمنحون الطلاب أقلاماً ودفاتر وكتباً وحقائب، ويذكر المراسل أنه في هم وحزن على هذا الوضع خوفاً من تغير معتقدات المسلمين هناك وأخلاقهم بهذه المعونات التنصيرية".

ولا تسأل عن الطلبات الكثيرة للحجاب الإسلامي الساتر من نساء المسلمين في دول متعددة، حيث تقول إحداهن: "أريد أن أسد عيون الناس عني بهذا الحجاب".

المصدر : موقع المسلم

منهج الدعوة إلى الله (4/4)

ميرفت كامل

منهج الدعوة إلى الله (4/4)

مرفت كامل أسرة

 

ثانياً: وسائل الدعوة:

وسائل الدعوة هي ما يستعين به الداعية على تبليغ الدعوة وهي ثلاثة أنواع:

    وسائل تبليغ الدعوة بالقول:

والقول على قسمين:

    المشافهة: بإلقاء الخطبة، الدرس العلمي، المحاضرة، الندوة، المناقشة والجدل، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الكلمة الوعظية، الدعوة الفردية، النصيحة الأخوية، الفتوى الشرعية.

    الكتــــابة: بتأليف الكتاب، الكتيب، النشرة، الرسالة، المقال، المسابقة الدعوية.

وفي جميع ذلك لا بد من الإعداد العلمي الجيد والتحضير للمادة المطروحة، بالقراءة والبحث وتخريج الأحاديث التي يستدل بها الحرص على اختيار الحجة منها. والإلقاء مهم جداً للداعية فهو الذي يساعده على إيصال دعوته إلى الجماهير من خلال الخطبة والدرس العلمي والمحاضرة والندوة.

ويعتمد نجاح الإلقاء على عنصرين أساسيين:

    عنصر الإقناع: أي إقناع المستمع بالمادة العلمية المطروحة، وذلك بإسنادها بالحجج والأدلة والتوثيق العلمي للمعلومات التي يذكرها.

    عنصر الإثـارة: أي إثارة عواطف وأحاسيس المستمع بغية استمالته إلى المادة المطروحة.

ومن الأمور الهامة التي ينبغي للداعية مراعاتها عند الإلقاء ما يلي:

·        الإخلاص والاستعانة بالله أولاً وأخيراً.

·        الثبات والثقة أمام الجمهور.

·        توزيع نظراته على عيون الجمهور، والانتقال ببصره بينهم من جهة إلى أخرى.

·        من المستحسن له أن يشدد على الكلمات المهمة ويخفض غيرها،  وأن يغير طبقات الصوت ويغير معدل سرعته في الكلام، كأن يقول عدة كلمات بسرعة وعندما يصل إلى الكلمة أو الجملة التي يرغب في التشديد عليها يرفع صوته ببطء، كل ذلك لتشويق وإثارة الجمهور.

·        عليه أن يتفاعل مع موضوعه، وأن يركز أثناء الإلقاء ولا ينشغل بغيره كأن يعبث بأزرار ملابسه مثلاً؛ فإن احترامه للجمهور يكسبه احترامهم وإنصاتهم.

·        من المناسب له أن يكرر بعض الكلمات للتأكيد عليها ولتفهيم السامعين وترسيخ المعاني في أذهانهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل أحياناً كما ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سلم ثلاثاً وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً. ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم: "لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد".

·        لا مانع من استخدم بعض وسائل الإيضاح، حسب الحاجة بدون تكلف، فقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم الإشارات اللطيفة ورسم الخطوط وغرز العود في الأرض.

·        التنويع في اختيار الموضوعات المطروحة حسب أهميتها بالنسبة للجمهور.

وبالنسبة للمحاضرة فإن من الأفضل أن يستهل الداعية محاضرته بخطبة الحاجة اقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يستهل محاضرته بمقدمة قصيرة يهيئ فيها المستمع ذهنياً لموضوع المحاضرة، بعدئذ يدخل في صلب موضوعه مستشهداً عليه بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة، موثقاً كلامه بأقوال أهل العلم، مع ملاحظة التنظيم والدقة والتسلسل في عرض الأفكار، ومراعاة جانب الحضور، بحيث لا يلقي موضوعه بإسهاب ممل ولا اقتضاب مخل، مع التروي في الإلقاء، وعليه أن يختار ما سهل من الألفاظ والعبارات مبتعداً عن التكلف وغريب الكلمات ما استطاع.

وفي ختام المحاضرة يستحسن أن يذكر الداعية أهم العناصر التي تناولها لتكون آخر ما يعلق في أذهان الجمهور، ويعقب ذلك حمدالله والثناء عليه بما هو أهله سبحانه وتعالى، والصلاة والسلام على نبيه الكريم، ثم يسلم على الجمهور، ومن ثم يستعد للإجابة على الأسئلة التي تدور حول موضوع المحاضرة.

   وسائل التبليغ بالعمل:

والتبليغ بالعمل هو كل فعل يؤدي إلى إزالة المنكر ونصرة الحق وإظهاره، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده..." الحديث.

والتبليغ بالعمل كما يكون بإزالة المنكر يكون بإقامة المعروف، كبناء المساجد والمشاريع الخيرية ودور تحفيظ القرآن الكريم والمدارس الإسلامية وإقامة المكتبات فيها وتزويدها بالكتب النافعة وطبع الكتب الإسلامية وتوزيعها واختيار الرجل الصالح للعمل في هذه المجالات، وهذا كله في الحقيقة دعوة صامتة.

    التبليغ بالسيرة الحسنة:

وأخيراً من الوسائل المهمة في تبليغ الدعوة إلى الله وجذب الناس إلى الإسلام التبليغ بالسيرة الطيبة للداعية، وأفعاله الحميدة، وأخلاقه الكريمة، والتزامه بالإسلام ظاهراً وباطناً، مما يجعله قدوة  طيبة وأسوة حسنة لغيره؛ لأن التأثير بالأفعال والسلوك أبلغ من لتأثير بالكلام وحده.

وأصول السيرة الحسنة التي يكون بها الداعية قدوة طيبة لغيره ترجع إلى أصلين عظيمين:

أولاً:  حسن الخلق، وهذا باب واسع جداً لا يتسع المقام لطرقه.

ثانياً: موافقة العمل للقول.

ويكفي رادعاً في هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتية وأنها كم عن المنكر وآتية". (للاستزادة/ السلوك وأثره في الدعوة إلى الله. د. فضل إلهي).

وفي الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار" قال: قلت: "من هؤلاء" ؟ قالوا: "خطباء من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون". (صحيح الترغيب والترهيب).

وقال الحسن البصري رحمه الله: إذا كنت آمر بالمعروف فكم من أخذ الناس به وإلا هلكت، وإذا كنت ممن ينهى عن المنكر فكم من أنكر الناس له وإلا هلكت.

وقال ابن النحاس الدمشقي رحمه الله: فالعالم إذا خالف علمه عمله وكذب فعله قوله كان ممقوتاً في الأرض والسماء، مضلة لمن رام به الاقتداء. وإذ أمر بغير ما يعمل مجت الأسماع كلامه، وقلت في الأعين مهابته وزالت من القلوب مكانته، كما قال مالك بن دينار: "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه تزل موعظته عن القلوب كما يزل القطر من الصفا".

من هنا نجد أن السلف الصالح وعلى رأسهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من أشد الناس حرصاً على تحقيق القدوة الحسنة في حياتهم بل وذويهم، روى ابن أبي شيبة عن سالم قال كان عمر رضي الله عنه إذا أنهى الناس عن شيء جمع أهل بيته فقال: "إني نهيت الناس كذا وكذا وإن الناس لينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، وأيم الله لا أجد أحداً منكم فعله إلا أضعفت له العقوبة ضعفين".

هكذا تحيا قلوب أهل الإيمان والتقوى والعلم والدعوة.

خلاصة ما سبق.. إنه يجب على الداعية إلى الله أن يسلك منهج النبوة في دعوته، وذلك من خلال تطبيق قول الله عز وجل { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } وذلك من خلال مجالات البصيرة الثلاث: البصيرة فيما يدعو، البصيرة في حال المدعو، البصيرة في كيفية الدعوة.

ختاماً أسأل الله عز وجل أن يرزقنا الإخلاص والمتابعة في العلم والعمل والدعوة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

أخي الكريم؛
إن العاملين في الحقل الإسلامي في أمسّ الحاجة اليوم إلى منهج "تبليغ" يتقيدون به، وإلى منطلقات فكرية وحركية يصدرون عنها في نطاق دعوة الناس إلى الإسلام.. وإلى أن يكون كل ذلك من الدقة والوضوح بحيث تتحقق معها الرؤيا لأبعاد الطريق وخصائصه ومواصفاته فلا يخبطون بعدها خبط عشواء، أو يسيئون إلى الإسلام وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
ولذلك فهم بحاجة إلى منهج يحدد لهم طريق الدعوة إلى الله، وكيفية مخاطبة الناس وإقناعهم، كما يحدد الموضوعات التي يحسن طرحها عليهم وتبسيطها لهم.

** هذا المنهج يتألف -في نظري- من أربعة مباحث:
المبحث الأول:
وهو عبارة عن عرض للخطوط الكبرى التي يقوم عليها المنهج الإسلامي سواء في نطاق العقيدة أم في نطاق الشريعة.. وهذه تشكل بمجموعها الموضوعات التي يحسن طرحها على بساط البحث أمام العناصر المراد دعوتها..

المبحث الثاني:
ويدور حول فرضية الدعوة إلى الله… وأن الإيمان بالإسلام يقتضي العمل له، والدعوة إليه، والجهاد في سبيله، وأن ذلك يقتضي قيام تجمع.. وأن العمل الفردي لن يأتي بواقع إسلامي أو يحدث مجتمعًا إسلاميًّا.

المبحث الثالث:
وهو عبارة عن تأكيد ضرورة قيام عمل جماعي للإسلام، وأنه -أي العمل الجماعي- هو الطريق الذي انتهجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بناء الجماعة الإسلامية الأولى.. وأن كل عمل فردي للإسلام مآله إلى الضياع ما لم يرتبط بتكوينٍ جماعي.

المبحث الرابع:
وأما المبحث الرابع والأخير فهو عبارة عن عرض للأسلوب الذي يحسن اتباعه في دعوة الناس إلى الإسلام.. وأن على الدعاة أن يخاطبوا الناس من حيث تقدَّر استجابتهم، وأن يخاطبوهم على قدر عقولهم.. وأن تكون سياستهم في ذلك الدراية والحكمة والصبر..

** أما أساليب الإقناع، ففي مجملها:
- خاطبوا الناس على قدر عقولهم:
ينبغي ألا يفهم مما تقدم أن الطريق لدعوة الناس إلى الإسلام، ولفتهم إليه، واحد لا ثاني له، وهو طريق الإقناع العقدي الذي يبدأ بإثبات وجود الله، وينتهي بإثبات أن الإسلام منهج حياة، وأن العمل لاستئناف الحياة الإسلامية واجب على كل مسلم..
والمقصود هنا بطريق الدعوة، المدخل الذي يمكن أن يدخل منه الداعية إلى نفس المدعو حتى يتمكن من إقناعه بالفكرة، وجذبه إلى العمل للإسلام.

ونحن حيال هذا الموضوع وأمثاله ينبغي أن نَصدُر عن أحكام شرعية نعتبرها أساسًا لنَهْجنا وتصرفاتنا، حتى لا يغدو العمل الإسلامي اعتباطيًّا عفويًّا تتحكم فيه العواطف والأهواء والاجتهادات الشخصية، وتخرجه بالتالي عن الحدود والقيود التي وضعها الشرع صيانة له من العوج والانحراف.

بديهي جدًّا أن الناس اليوم بحاجة إلى ما يلفتهم إلى الإسلام أولاً، يشعرهم بوجوده كمنهج حياة، كإمامة، كقيادة، كريادة وسط التيارات والقوى العالمية المتصارعة، وبديهي كذلك أيضًا أن عملية اللفت هذه خطوة تمهيدية تسبق عملية الإقناع، بل هي أشبه بخطوة أولية لتحضير عقول الناس ونفوسهم للتلقي والانفعال.. وهدي الإسلام في هذا الموضوع يظهر بوضوح حين تتبع الأسلوب القرآني والنبوي في دعوة الناس إلى الإسلام..
فمن الأساليب التي اعتمدها القرآن الكريم مرارًا وتكرارًا في سبيل لفت المشركين إلى آياته البينات - وقد كانوا يضعون أصابعهم في آذانهم لدى سماعها - تصديره فواتح السور بحروف متقطعة كان لها أكبر الأثر في إثارة حفيظة المشركين واستدراجهم للإنصات والتلقي.
ولم تكن الأساليب التي اتبعها الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوة الناس إلى الإسلام ولفتهم إليه إلا تفسيرًا عمليًّا للتوجيه الرباني الكريم المتوّج بقوله تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ"، وقوله: "وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا"، لقد كان من حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع أسلوب الزجر النفسي غير المباشر حين جاءه شاب يطلب منه السماح له بالزنى، والحادث ثابت في كتب السنة، وسيرد بعد قليل.

- بين الشدة واللين:
فالنفوس جُبِلت على حب من أحسن إليها، وقد تدفعها القسوة والشدة أحيانًا إلى المكابرة والإصرار والنفور فتأخذها العزة بالإثم.. وليس من معنى الدين المداهنة والرياء والنفاق.. وإنما بذل النصح وإسداء المعروف بأسلوب دَمِث مؤثر، يفتح القلوب ويشرح الصدور، خاصة إذا كانت الدعوة لجماعة المسلمين أنه لا ينبغي بحالٍ مجاهرتهم بالتوبيخ والتقريع الشديدين…
ألا ترى إلى القرآن الكريم في معرض التوجيه الرباني يخاطب موسى وهارون عليهما السلام، ويوصيهما بمبادأة الطاغية فرعون باللين والحسنى: "اذْهَبَا إِلَى فِرْعَونَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى"، بل إن اللفتات القرآنية والإشارات النبوية إلى الرفق ومجانبة الغلظة والقسوة تؤكد بما لا يحتمل الشك فاعلية هذا الأسلوب وقيمته التوجيهية.
ويقول الله تعالى في آخر سورة النحل آمرًا نبيه بالتزام الحكمة في دعوة الناس: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدَين"، وفسّرها ابن كثير بقوله: أي من احتاج إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب.
وفي سورة آل عمران يشير القرآن الكريم إلى فوائد الرفق واللين في كسب الأنصار والمؤيدين، وانطلاق الدعوة والتفاف القلوب حولها: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ…".
وقد ورد في تفسير هذه الآية قول لعبد الله بن عمر رضي الله عنه جاء فيه: "إني أرى صفة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة أنه ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخّاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح".
وفي السيرة النبوية نماذج عملية ووقائع تفسيرية للأسلوب الأخّاذ النافذ الذي كان يبلغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته إلى الناس بلباقة، فقد روى أبو أمامة: "أن غلامًا شابًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله.. أتأذن لي في الزنى؟ فصاح الناس به.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قرّبوه، أدْنُ".. فدنا حتى جلس بين يديه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتحبه لأمك؟" قال: لا، جعلني الله فداك، قال: "كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لابنتك؟"، قال: لا، جعلني الله فداك، قال: "كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، أتحبه لأختك؟" وزاد ابن عوف - أنه ذكر العمة والخالة وهو يقول في كل واحدة لا، جعلني الله فداك، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال: "اللهم طهِّر قلبه، واغفر ذنبه، وحصن فرجه"، فلم يكن شيء أبغض إليه منه، يعني - الزنى.رواه أحمد والطبراني في الكبير.
وأسلوب الدعوة ينبغي أن يكون متجددًا متطورًا في حدود ما يسمح به الإسلام.. ومرونة الإسلام تقتضي العمل على مستوى العصر، وبمختلف الوسائل المشروعة، التي تضمن نقل الإسلام إلى الناس منهج عيش ورسالة حياة، في أجمل صورة وعلى أحسن وجه..

- أساليب أخرى للإقناع:
من طبيعة الدعوة الإسلامية أنها موجهة للناس - كل الناس - على اختلاف أعمارهم وطبقاتهم وثقافاتهم وبيئاتهم وميولهم واتجاهاتهم.. وهذا يفرض على الدعاة أن يكونوا حكماء بارعين في نقل آرائهم ومفاهيمهم إلى هذه الأصناف الشتى من الناس.. وبالتالي يوجب عليهم أن يعرفوا من أين تؤكل الكتف وكيف.. والداعية الموفق الناجح هو الذي يعطي كل إنسان ما يلزمه من أفكار وتوجيهات، ويحاول أن يقنعه بالفكرة ويجذبه إلى الحركة بالأسلوب الذي يؤثر فيه، وينزله منزله، وهذا سر قول عائشة رضي الله عنها: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُنْزِل الناس منازلهم"رواه مسلم.

- تعرَّف إلى الشخص قبل دعوته:
وإذا كانت المسألة هكذا فإنه يصبح من واجب الداعية أن يتعرف إلى الشخص الذي يود دعوته إلى الإسلام.. يتعرف أفكاره ومفاهيمه وتصوراته ويكتشف علله ومشكلاته.. وهو بذلك سيصل حتمًا إلى معرفة المنافذ التي يمكن أن ينفذ من خلالها إلى نفسه.. وهذا من شأنه أن يوفِّر للداعية التشخيص والمعالجة الناجحين، وبالتالي يُكسِب إلقاءاته وتوجيهاته وإيحاءاته فاعلية التأثير والتفاعل.

- من أين تبدأ.. وكيف؟
إن من أبرز الأسئلة التي تواجه الداعية في مجال احتكاكه بالعناصر الجديدة ومحاولة إقناعها بالفكرة الإسلامية هي كيف يبدأ دعوته؟ ومن أين تكون البداية؟.. والحقيقة أن الإصابة في تحديد نقطة البدء توفِّر على الداعية كثيرًا من الوقت، وتسهل عملية الإقناع والجذب.. وفي كثير من الأحيان يكون فشل الداعية في اجتذاب العناصر الجديدة إلى الدعوة مردّه إلى سوء تقديره لنقطة البدء وسوء تشخيصه للعلَّة المراد تطبيبها - فيبدأ من حيث ينبغي أن ينتهي، أو ينتهي من حيث ينبغي أن يبدأ. وصدق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث يقول: "ما أنت بمحدث قوما حديثاً لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة".

- من عوامل النجاح:
هنالك عوامل عدة تساعد على نجاح الداعية إلى حد بعيد في مجالات الدعوة، وتحقق له الخصب والأثمار، وتمنحه القدرة على التأثير والتفاعل والإيغال بمبادئه وأفكاره في كل وسط وعلى كل صعيد.
والأسلوب الحسن.. هو أحد العوامل الحساسة الهامة التي توفر على الداعية الوقت والجهد، وتصل به إلى الغاية والمطلوب بأقل التكاليف وأيسرها..
فالداعية في كل مجال من مجالات الدعوة والتبليغ.. في الكتابة.. والخطابة والتحدث.. والنقاش.. في العمل الشعبي.. والنقابي.. والسياسي.. والطلابي، بحاجة إلى الأسلوب الحسن الذي يصيب الهدف ويبلغ القصد.
وقد يكون من أبرز الأمور التي ينبغي توفرها للداعية ليتمتع بالأسلوب الحسن في مجالات دعوته، تعرف على الوسط الذي سيكون ميدانًا لنشاطه وعمله.. يدرس أوضاعه ومشكلاته واتجاهاته وميوله ورغباته.. كالطبيب يرقب عوارض المرض وتطوره ومراحله، ثم يشخّص أسبابه وبواعثه.. على علم ومعرفة.. وعلم بخصائص الداء ومعرفة أسباب الشفاء..
والداعية الناضج كالطبيب الناجح يعرف من أين يبدأ وكيف يبدأ.. ثم لا يبدأ قبل أن تتوفر لديه إمكانية التمحيص والتشخيص والمعالجة، حتى لا يكون عمله سلسة من تجارب فاشلة وأعمال مرتجلة..
والمجتمع اليوم يموج بعديد المذاهب والاتجاهات.. وكلها تتجاذب الناس بما تطلع عليهم من دعايات منمّقة، وأساليب مزوّقة.. تخاطبهم من حيث يصغون ويسمعون.. وتأتيهم من حيث يحسون ويشعرون.. تلامس جروحاتهم، وتتحسس أمراضهم، وتتلمس مشكلاتهم.
ودعاة الإسلام.. يجب ألا يكونوا أقل عناية واهتمامًا بأساليب دعوتهم من سواهم.. فلا يخاطبون العمال الكادحين بلغة "القبوريين"، ولا يناقشون الملاحدة الماديين بلسان "العاطفيين"، وإنما يجعلون لكل مقام مقالاً.
إن الإسلام في هذا الزمن بحاجة إلى دعاة يحسنون عرض أفكاره ومبادئه بأسلوب شيق جذاب.. يؤثِّرون ولا ينفِّرون، ويوضِّحون ولا يعقِّدون ويحسنون فلا يسيئون، وكم من أدعياء شوَّهوا الإسلام بسوء دعوتهم له، وأساءوا إليه وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.."

ويضيف الدكتور كمال المصري:
أخي الكريم؛
كلام الداعية المعروف الدكتور فتحي يكن كلامٌ قيِّمٌ بالفعل، ينمُّ عن خبرةٍ عميقة، وتجربةٍ كبيرة، وضع فيه أولاً تصوراً لمنهج تكوين الدعاة، بتأسيسهم أولا، ثم إعلامهم بوجوب الدعوة إلى الله تعالى، ثم بيان طريق الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة الجماعية إلى الله تعالى، وأخيراً وضع نقاطاً أساسية في أساليب التبليغ والدعوة، وضرورة مخاطبة الناس على قدر عقولهم وأفهامهم.
ثم تطرق بعد ذلك لوسائل وطرقٍ للإقناع والتأثير، وعوامل مساعدة على الدعاة الاستفادة منها في الدعوة.

ولإتمام الفائدة هناك على الصفحة استشارة نُشِرت سابقاً بعنوان: "قواعد في الدعوة إلى الله" يحسن الرجوع إليها، وعنوانها:
قواعد في الدعوة إلى الله

أخي الكريم؛
سؤالاك عميقان دقيقان ينمَّان عن فكر يقظ، وعملٍ ممارَس، والإجابة عليهما بالتفصيل تحتاج إلى كتبٍ ودراسات، ولقد حاولنا هنا أن نجيب عنهما بما يكفي ويسد الحاجة، وإن كان لا يشبع، ولعل صفحة دعوة ودعاة المزمع إنزالها على الموقع قريباً جداً إن شاء الله تعالى تسد هذا الجانب وتكفيه.
وفقك الله في دعوتك وممارستك.. ولا تحرمنا من أخبار نجاحات دعوتك.. ودمتَ سالماً.
جميع الاستشارات المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن آراء أصحابها من السادة المستشارين ، ولا تعبر بالضرورة عن آراء أو مواقف تتبناها الشبكة لقراءة اتفاقية استعمال الخدمة و الإعفاء من المسؤولية..
http://www.islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=239&Sch_ID=139


بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ عبدالعزيز بن ناصر الجليل (حفظه الله)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، وبعد.

فلم يعد خافيًا على أحدٍ من الناس اليوم ما يعيشه المسلمون من ذلةٍ ومهانة، وما يحيط بهم من ظروف صعبة، وأحوال مريرة، تتمثل في كيد الأعداء وتسلطهم على بلاد المسلمين، كما تتمثل في أحوال المسلمين أنفسهم، وما طرأ على كثير من مجتمعاتهم من بُعْدٍ عن تعاليم الإسلام، وإقصاء لشريعة الله سبحانه، ورفض الحكم بها والتحاكم إليها.

إنَّ الواقع المرير الذي يعيشه المسلمون اليوم لا يستغرب من قبل العالمين بسنن الله عز وجل في التغيير، حيث إنَّ هذا الواقع هو النتيجة الطبيعية للبعد عن دين الله عز وجل، وعدم الاستسلام لشرعه. ولا ننتظر في ضوء السنن الربانية غير هذا، والله عز وجل يقول: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ )) (الرعد:11 ) ويقول سبحانه : (( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُم )) (محمد: 7) .

أما الذين يجهلون سنن الله عز وجل أو يغفلون عنها، وينسونها، فهم الذين يستغربون ما يحل بالمسلمين اليوم من محنٍ وويلات، وهم الذين يتساءلون أنى هذا؟ وكيف يحصل هذا ونحن أصحاب الدين الحق؟ فيجيبهم الله عز وجل بما أجـاب به من سأل من أصحاب محمد e مثل هذا السؤال، فقال سبحانه وتعالى: (( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ )) (آل عمران: 165) .

ونتيجة لنسيان هذه السنة الربانية أو الغفلة عنها، يقع الانحراف في المواقف المختلفة إزاء هذه الأحوال المريرة، التي يمر بها المسلمون ما بين يائسٍ من التغيير قد أصابه الإحباط، وألقى بيده ينتظرُ المهدي أو المسيح عليه السلام لإنقاذ الأمة والتمكين لها في الأرض، أو مستعجلاً قد نفد صبره مما يرى من الكفر والنفاق، فقرر الجهاد والمواجهة مع أعداء الدين غير ملتفت للقواعد الشرعية وأصول التمكين، وأسباب النصر، فنجم عن ذلك من المفاسد ما الله به عليم، وآخر رأى مهادنة الأعداء والرضى منهم بأنصاف الحلول، والدخول معهم في مفاوضات ومقايضات، لم تثمر إلاَّ مزيدًا من التمكين للمفسدين، والإقرار لهم بالشرعية والوجود.

أما الذين فقهوا سنن الله عز وجل في النصر والتمكين والتغيير، وأخلصوا دينهم لله تعالى، فقد هداهم ربهم سبحانه لما اختلف فيه من الحق، ورأوا أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صلح به أولها، وذلك بما كان عليه الرسول e وصحبه الكرام عليهم رضوان الله تعالى.

وباستقراء المنهج النبوي في الإصلاح والتغيير يظهر لنا أنه قائم على الأصول التالية:

الأصل الأول: البصيرة في الدين وصحة الفهم والعمل.

قال الله عز وجل: (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ))(يوسف: 108).

ويعنى بهذا الأصل : أن تقوم الدعوة وينطلق التغيير من فهمٍ صحيح، وعقيدة صافية، وبصيرة واضحة في الدين، كما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله e، وفهم الصحابة- رضي الله عنهم-، لأنَّ أي دعوة تعارض هذا الفهم أو تزيد عليه أو تنقص، فإنها قد فرطت في هذا الأصل العظيم من أصول التمكين والنصر.

ويلحق بالفهم الصحيح ما يجب أن يكون عليه أصحاب الدعوة من عمل صحيح، موافق لما كان عليه الرسول e، وذلك في عباداتهم ومعاملاتهم وسلوكهم.

وهذا هو ما أراده الرسول e عندما وصف الفرقة الناجية المنصورة بقوله e : (( ما أنا عليه وأصحابي )) [رواه التـرمـذي : كتاب الإيمان بـاب ( 18 ) مـا جاء في افتراق هذه الأمة 5 / 26 ( رقم : 2641 ) .

وإنَّ الجهد في إخضاع أفراد الدعوة وعامة الناس للفهم الصحيح والعمل الموافق يحتاج إلى صبر وعناء، وتضافر في الجهود، واتخاذ الأسباب المباحة المتاحة في تبليغ هذا الفهم الصحيح للأمة، ببرامج علمية وعملية، حتى تستقيم الأفهام في العقيدة والأحـكام والتصورات على هذا المنهج النبوي الكريم، ومما يلحق بالفهم فهم الواقع الذي يتحرك فيه الدعاة، وطبيعته والبصيرة بأحوال الناس، واستبانة سبيل المجرمين، والوعي بكيدهم ومخططاتهم وإمكاناتهم.

الأصل الثاني: حسن القصد:

ويعنى بهذا الأصل إخلاص المقاصد لله عز وجل، وصدق النية في الدعوة والتغيير، بأن يكون القصد من ذلك التعبد لله عز وجل وابتغاء وجهه ورضاه وجنته، وإنقاذ الناس بإذن ربهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن الشقاء والعذاب في الدنيا والآخرة.

وهذا بدوره ينفي كل مقصد دنيوي سواءً كان رياءً أو إرادة جاهٍ أو مالٍ أو منصبٍ أو شهرة.. إلخ، لأنَّ وجود مثل هذه المقاصد في الدعوة يفسدها ولا يكون القصد فيها حسنًا، وبالتالي لا يبارك الله فيها ولا ينصر أهلها، ولا يمكِّن لهم في الأرض ولو كانوا على فهمٍ صحيح؛ لأنَّهم فرطوا في أصلٍ عظيم من أصول التمكين، ألا وهـو إرادة الله عز وجل والآخرة ليس إلا. ولا شك أنَّ تحقيق هذا الأصل العظيم في نفوس الدعاة يحتاج إلى جهدٍ ومجاهدة، ومناصحة وتربية علمية وعملية، يعتني فيها بالقلوب وأعمالها، وتُقوَّى فيها الصلة بالله عز وجل والتحلي بالأخلاق المحمودة الباطنة والظاهرة، والتي على رأسها الإخلاص لله عز وجل.

الأصل الثالث : وحدة الصف:

وهذا الأصل ثمرة للأصل السابق، حيثُ إنَّ تجرد المقاصد لله عز وجل ينفي الهوى وحظوظ النفس، والتي هي من أكبر أسباب الفرقة والبغضاء، لأنَّه لا يمكن لأصحاب الفهم الصحيح الواحد أن يتفرقوا إلاَّ إذا كان القصد غير حسن. وأصحاب القصد الحسن لا يفارقون غيرهم، إلاَّ إذا كانوا على فهمٍ منحرفٍ غير صحيح كأصحاب الفرق وأهل البدع.

وكون الاجتماع ووحدة الصف أصلٌ من أصول التمكين، لا يجادل في هذا أحد، كيف والله عز وجل يقول : (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )) (الأنفال: 46).

ولا شك أنَّ نبذ الفرقة، واجتماع القلوب، ووحدة الصف بين أهل السنة، أصحاب الفهم الصحيح يحتاج إلى القد وات وإلى الصبر والجهد الجهيد، والتجرد لله عز وجل، وترك حظوظ النفوس.
وتقع المسئولية في ذلك على العلماء والموجهين والمربين كل في مجاله، ويكون ذلك بالتواصي والمناصحة، وإظهار الود وحقوق الأخوة بين الدعاة، وإن لم يجد بعضنا مجالاً لهُ في جمع الكلمة، فليتق الله ولا يفرق، فإنها صدقة منه على نفسه وكف شر عن إخوانه، وهو بذلك يسـاهم في جمع الكلمة وتوحيـد الصـف، وإن مما يحفز الهمم على تحقيق هذا الأصل العظيم، اليقين بأنَّ نصر الله عز وجل لا ينزل على أمةٍ متفرقةٍ متباغضة.

وقد يجد أصحاب الدعوة الحريصون على جمع الكلمة أنفسهم أمام أناسٍ غير حريصين على وحدة الصف، فحينئذ حسبهم أن يعلم الله عز وجل صدقهم وإخلاصهم، فيوفقهم ويعينهم وينصرهم.

الأصل الرابع: التمحيص والتميز:

قـال الله عــز وجــل: (( وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ )) . (آل عمران:141).

وقال سبحانه : (( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ )) (آل عمران: 179) .

وإنَّ المتأمل في منهج الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- وبخاصة في سيرة الرسول e وأتباعه المؤمنين، ليرى هذه السنة الربانية واضحة وضوح الشمس، وذلك بما تعرض له المسلمون من الابتلاء والتمحيص في مكة والهجرة، والجهاد في سبيل الله عز وجل، وأنهم لم يمكنوا إلاَّ بعد أن ابتلوا ومحصوا.

والابتلاء الذي يتعرض له أصحاب الدعوة نوعان :

أـ ابتلاء عقوبة وتكفير وتنبيه :

وذلك عندما يحصلُ الخلل في واحـدٍ من الأصـول الثلاثة السابقة أو أكثر. فعندما يحصل الخلل في الفهم والمعتقد، أو في النية والمقصد، أو في وحدة الصف وتآلف القلوب، فإنَّ الله عز وجل قد يبتلي عباده هؤلاء ببعض العقوبات والابتلاءات لعلهم يرجعون ويراجعون أنفسهم، ويكفِّر الله عز وجل عنهم بهذه العقوبات سيئاتهم.

ب ـ ابتلاء تمحيص وتمييز للصفوف :

وهذا النوع من الابتلاء هو الذي نقصده في هذا الأصل، وهو الذي يتعرض له أصحاب الفهم الصحيح، والقصد الحسن والصف الموحد، والحكمة منه تمحيص القلوب، وتمييز الصفوف مما قد يكون فيها من المنافقين وأصحاب القلوب المريضة، والذين يكون ضررهم شديدًا على الدعوة فيما لو بقوا مندسين في الصفوف ولم يعرف شأنهم، فيقدر الله عز وجل مثل هذا النوع من الابتلاءات ليتميز المؤمن الصادق من غيره، ويزيد الله عز وجل به المؤمنين إيمانًا وثباتًا وصلابة في إيمانهم، قال الله عز وجل عن المؤمنين في غزوة الأحزاب عندما رأوا الشدائد والأهوال : (( وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً )) (الأحزاب:22).

وقال عن المنافقين الذين نجم نفاقهم عند الابتلاء : (( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً)) (الأحزاب:12).

فما زادت الشدائد المؤمنين إلاَّ إيمانًا وتسليمًا، وما زادت المنافقين إلاَّ مرضًا، وأخرج الله بها ما في قلوبهم من النفاق والكذب والذي ما كان ليعرف في حال السلم والأمان.

وإنَّ فترات التمحيص والابتلاءات لمن أشدِّ فترات الدعوة على أهلها، فهي تحتاج إلى جهدٍ عظيم من التعليم والتربية والعبادة، والتواصي على الحق والتواصي بالصبر والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، ومن علم الله عز وجل صحة فهمه وحسن قصده، وعمله الصالح وحرصه على الوحدة والاجتماع، فإنَّهُ سبحانه يثبته ويخرج من الابتلاءات وقد قوي إيمانه، وصلب عوده. وعلى مثل هؤلاء ينزل نصر الله تعالى ويقوم عز الإسلام.

وبقيت مسألةٌ مهمةٌ تتعلقُ بالتميز، ألا وهي ضرورة تميز أصحابِ الدعوات الذين يريدون التمكين لدين الله تعالى عمن حولهم، ممن ابتعدوا عن الدين وتعاليمه، وظهور ذلك في تصوراتهم وأفهامهم، وفي عبادتهم وسلوكهم، وفي دعوتهم وصبرهم وتضحيتهم.

وعليهم أن يوصلوا ما يحملونه من علمٍ ودعوةٍ إلى طبقات الناس قدر استطاعتهم، حتى يتم البلاغ وتقوم الحجة، ويُعرف أصحاب الدعوة بين الناس بمنهجهم الواضح وأهدافهم العالية، ومن أهم ما يقومُ به أصحاب الدعوة حتى يحصل التميز القيام فضحهم للباطل وأهله، وتبيين سبيل المجرمين للناس حتى لا تختلط عليهم الأمور ويلتبس الحق بالبـاطل، ومالم يتم هذا البيان فإنَّ الناس المضللون قد يُستخدمون في مواجهة أصحاب الدعوة لعدم وضوحهم ووضوح دعوتهم في مجتمعات الناس، وذلك بما يستخدمه أعداء الدعوة من تضليل وتلبيس للناس، سواء في تشويه أهل الدعوة وإظهارهم للناس بمظهر المفسدين والمهيجين للفتن، أو بما يضفونه على أنفسهم من أنهم أصحاب الحق وحماته.

فمالم يحصل البلاغ الكافي، والذي يتميز فيه الحق من الباطل، ويزول التلبيس والتضليل، فإنَّ هذا الأصل أعني أصل التميز لم يتحقق بعد، وعلى الدعاة الصبر والتأني، وبذل الأسباب في تحقيقه قدر الاستطاعة، حتى يهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، وحتى يعطي الواحد من الناس ولاءه لمن يختاره من أهل الحق أو الباطل عن علم وبينة وطواعية.http://www.majdah.com/vb/showthread.php?t=22146

Publicité
Publicité
islamcom
Publicité
Publicité